أن يقال : بأن وقت نزول الآية لعل عادة الناس كانت على أداء فريضة الصبح بعد مضيّ شيء من الفجر ، لا مقارناً له ، وعليه لفظ ( بعد طلوع الفجر ) لا ينافي قوله تعالى : ( من قبل صلوة الفجر ) بل ينطبق عليه تماماً ، وإنما أضاف تعالى ( قبل ) إلى صلاة الفجر ، لا إلى الفجر ، حتى لا يكون منافياً لبعد طلوعه ، فتدبّره جيداً.
٢ ـ قال الشيخ الكليني طاب ثراه : عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، جميعاً عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جرّاح المدايني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ليستأذن ( الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحُلم منكم ثلاث مرّات ) كما أمركم الله عزّ وجلّ (١) ، ومن بلغ الحُلُم فلا يلج على أمه ، ولا على أخته ، ولا على خالته ، ولا على سوى ذلك إلا بإذن ، فلا تأذنوا حتى يسلم ، والسلام طاعة لله عزّ وجلّ ».
قال : وقال أبو عبد الله عليهالسلام : « ليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحُلُم في ثلاث عورات ، إذا دخل في شيءٍ منهن ولو كان بيته في بيتك ؛ قال : وليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمى العتمة ، وحين تصبح ، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، إنما أمر الله عز وجل بذلك للخلوة ، فإنها ساعة غِرة وخلوة » (٢).
أقول : قوله عليهالسلام : « فلا تأذنوا حتى يسلم ، والسلام طاعة لله عز وجل » يماثله قول الإمام الحسين عليهالسلام في حديث تقدم ذكره (٣) : « لا تأذنوا لأحد حتى يسلم » ، وقوله روحي فداه : « والسلام طاعة لله » لامتثال أمره جل جلاله : ( فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ ) ومنه يعلم مدى الاهتمام بالسلام في الشريعة الإسلامية.
__________________
١ ـ أي قال الله عز وجل : ( يأَيّها الَّذينَ ءامَنُوا لِيسْتَأذِنَكُم ... ) النور : ٥٨ ـ ٥٩.
٢ ـ الكافي ٥ | ٥٢٩ ، باب آخر من باب الدخول على النساء ، كتاب النكاح ، الحديث ١.
٣ ـ الحديث ٦ من ( ٥ ـ السلام قبل الكلام ).