٤ ـ ومن كلامه في التحريض على القتال لما أغار سفيان الأسدي عن الأنبار ، قتل عامله عليها :
حمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال : أما بعد : فان الجهاد باب من ابواب الجنة فمن تركه رغبة عنه (١) ألبسه الله الذل ، وسيماء (٢) الخسف (٣) وديث بالصغار (٤) وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلا ونهاراً ، وسرا وإعلاناً وقلت لكم اغزوهم من قبل أن يغزوكم ، فو الذي نفسي بيده ما غزى قوم قط في عقر (٥) دارهم إلا ذلوا ؛ فتخاذلتم وتواكلتم ، وثقل عليكم قولي ، واتخذتموه وراءكم طهريا حتى شنت عليكم الغارات (٦).
هذا أخو غامد قد بلغت خيله الأنبار ، وقتل حسان البكري ، وأزال خيلكم عن مسالحها (٧) وقتل منكم رجالا صالحين. وقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة ، والأخرى المعاهدة ، فينزع حجلها وقلبها ورعاثها (٨) ، ثم انصرفوا موفورين (٩) ، ما نال رجلا منهم كلم (١٠) ولا أريق لهم دم. فلو أن رجلا مسلما مات من دون هذا أسفاً ما كان عندي فيه ملوما ، بل كان به عندي جديرا. يا عجباً كل العجب !! عجب يميت القلب ، ويشغل الفهم ، ويكثر الأحزان ، من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم ، وفشلكم عن
__________________
(١) رغب ( كفرح ) فيه أراده وعنه كرهه وليه ابتهل ، ورغب ( ككرم ) اشتد نهمه.
(٢) علامة.
(٣) الذل.
(٤) ديث : وصم ، والصغار الذل.
(٥) عقر : وسط.
(٦) قال المبرد : قوله شئت عليكم الغارات يقول صبت. يقال شننت الماء وكذلك فسرها صاحب القاموس المحيط.
(٧) جمع مسلحة وهي الثغر حيث يخشى طروق العدو.
(٨) الحجل : الخلخال ، القلب : السوار الرعات جمع رعثة وهي القرط.
(٩) تامين لم ينقص منهم أحد.
(١٠) جرح.