وعلي هو خليفة المسلمين بعد عثمان ؛ وابن عم الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، وزوج ابنته ، ووالد الحسن والحسين رضوان الله عليهما ، ورابع الخلفاء الراشدين ، وإمام الخطباء من المسلمين بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقد والد رحمهالله بمكة بعد مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم باثنتين وثلاثين سنة ( وقبل البعثة بثمان سنين ).
ونشأ بها النشأة العالية ، في كفالة الرسول كأحد أولاده ، ذلك أنه صلّى الله عليه وسلّم كان متزوجا خديجة ، وكانت ذات مال كثير ، وكان الرسول يتجر فيه فحصل له ربح وفير ، فلما أصيبت قريش بالقحط والمجاعة ، قال الرسول لعمه العباس : « إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، والناس فيما ترى من الشدة ، فانطلق بنا فلنخفف من عياله : تأخذ أنت واحدا وأنا واحدا » وكان لأبي طالب من الذكور أربعة أولاد ، كل واحد بينه وبين الذي يليه عشر سنين ، وكان أسنهم طالبا ، فعقيلا ، فجعفراً ، فعليا ؛ فلما جاء الاسلام أسلم علي فجعفر فعقيل ، أما طالب فمات على الكفر كأبيه ، وكان إسلام علي وهو صغير في السنة الثامنة أو العاشرة من عمره قبل أن يتدنس بشيء من رجس الجاهلية ولذلك قيل فيه : « كرم الله وجهه » لأنه لم يسجد لصنم قط.
ولما علم أبوه بإسلامه وصلاته مع الرسول قال له « أي بني : أي شىء الذي أنت عليه » ؟ قال : « يا أبت آمنت بالله ورسوله ! وصدقت ما جاء به واتبعته ».
فقال له « أما إنه لم يدعك إلا إلى الخير فالزمه ».
وكان ذا منزلة سامية عند الرسول صلّى الله عليه وسلّم والصحابة والمسلمين كافة.
كان على جانب كبير من التقوى ، وكان أوفرهم نصيبا وأكرمهم مدداً من الرسول ، ولهذا كانت اليه الفتوى في حياة الرسول وبعده ، حتى ضرب به المثل بعد وفاة الرسول فقيل : « قضية ولا أبا حسن لها ». قال عبد الله بن عباس : « قسم علم الناس على خمسة أجزاء فكان لعلي منها أربعة ولسائر الناس جزء شاركهم فيها فكان أعلمهم به ». وقال عبد الله بن مسعود : « كان علي رضى