تروى عن الحسن.
واتفق حذاق العلماء على أنه حديث منكر صرح بذلك ابن كثير وذكره عن شيخه المزي ، وأقول : هو مختل المعنى وسمات الوضع لائحة عليه وهو من وضع أهل النحل المخالفة للجماعة فالاحتجاج به لا يليق أن يصدر مثله عن الحسن مع فرط علمه وفطنته ، وأيّة ملازمة بين ما زعموه من رؤيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين دفع الحسن التأنيب عن نفسه ، ولا شك أن هذا الخبر من وضع دعاة العباسيين على أنه مخالف للواقع لأن المدة التي بين تسليم الحسن الخلافة إلى معاوية وبين بيعة السفاح وهو أول خلفاء العباسية ألف شهر واثنان وتسعون شهرا أو أكثر بشهر أو بشهرين فما نسب إلى القاسم الحدّاني من قوله : فعددناها فوجدناها إلخ كذب لا محالة. والحاصل أن هذا الخبر الذي أخرجه الترمذي منكر كما قاله المزّي.
قال ابن عرفة وفي قوله : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) المحسن المسمّى تشابه الأطراف وهو إعادة لفظ القافية في الجملة التي تليها كقوله تعالى : (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) [النور : ٣٥] ا ه. يريد بالقافية ما يشمل القرينة في الأسجاع والفواصل في الآي ، ومثاله في الشعر قول ليلى الأخيلية :
إذا نزل الحجاج أرضا مريضة |
|
تتبع أقصى دائها فشفاها |
شفاها من الداء العضال الذي بها |
|
غلام إذا هز القناة سقاها إلخ |
[٤ ، ٥] (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥))
إذا ضم هذا البيان الثاني لما في قوله : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) [القدر : ٢] من الإبهام التفخيمي حصل منهما ما يدل دلالة بيّنة على أن الله جعل مثل هذه الفضيلة لكل ليلة من ليالي الأعوام تقع في مثل الليلة من شهر نزول القرآن كرامة للقرآن ، ولمن أنزل عليه ، وللدّين الذي نزل فيه ، وللأمة التي تتبعه ، ألا ترى أن معظم السورة كان لذكر فضائل ليلة القدر فما هو إلا للتحريض على تطلب العمل الصالح فيها ، فإن كونها خيرا من ألف شهر أومأ إلى ذلك وبينته الأخبار الصحيحة. والتعبير بالفعل المضارع في قوله : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ) مؤذن بأن هذا التنزل متكرر في المستقبل بعد نزول هذه السورة.
وذكر نهايتها بطلوع الفجر لا أثر له في بيان فضلها فتعين أنه إدماج للتعريف بمنتهاها