الله المعجزة من جنس الطب. قال كثير من العلماء : بعث الله كل نبي من الأنبياء بما يناسب أهل زمانه ، فكان الغالب في مصر على زمان موسى عليهالسلام السحر وتعظيم السحرة ، فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار ، وحيرت كل سحّار ، فلما استيقنوا أنها من عند الله العظيم الجبار ، انقادوا للإسلام ، وصاروا من عباد الله الأبرار. وأما عيسى عليهالسلام فبعث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة ، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه ، إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة ، فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد ، أو على مداواة الأكمه والأبرص ، وبعث من هو في قبره. وقد أحيا صديقا له اسمه عازر ، وابن العجوز ، وابن العاشر ، فعاشوا وولد لهم ، وأحيا سام بن نوح ومات في الحال.
وكذلك محمد صلىاللهعليهوسلم بعث في زمان الفصحاء والبلغاء وتحليق الشعراء ، فأتاهم بكتاب من الله عزوجل ، فلو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور من مثله ، أو بسورة من مثله ، لم يستطيعوا أبدا ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، وما ذاك إلا أن كلام الرب عزوجل لا يشبه كلام الخلق أبدا.
٤ ـ وأخبركم بما تأكلونه ، وما تخبئونه وتحفظونه للمستقبل في بيوتكم.
والفرق بين إخبار النبي بالمغيباب وإخبار المنجمين والكهنة : أن النبي يخبر بإعلام الله من غير اعتماد على شيء آخر ، أما الكاهن والمنجم فيعتمد على طرق الاحتيال واستخدام بعض الأسباب المؤدية إلى معرفته كالنجوم والجن وبعض الإنس.
إن في ذلك لدليلا قاطعا على صدق رسالتي ، إن كنتم مصدقين بآيات الله الباهرة ، مقرين بتوحيده وبقدرته الكاملة على كل شيء.
٥ ـ وجئتكم مصدقا لما تقدم من التوراة ، لا ناسخا لها ، ولا مخالفا أحكامها إلا ما خفف الله في الإنجيل مما كان مشددا عليهم فيها ، كما قال تعالى : (وَلِأُحِلَ