إلى الكفر ، والأنبياء إنما يأمرون بالإيمان وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء ٢١ / ٢٥] وقال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل ١٦ / ٣٦] وقال : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ، أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) [الزخرف ٤٣ / ٤٥] وقال إخبارا عن الملائكة : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ : إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ ، فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ، كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) [الأنبياء ٢١ / ٢٩].
فقه الحياة أو الأحكام :
من المستبعد أن يأتمن الله تعالى رسولا أو نبيا على وحيه ، ثم يدعو الناس إلى عبادة نفسه ، فإن الأمين يقوم عادة بما كلفه به المؤتمن له. وإنما تكون دعوة الأنبياء موجّهة نحو عبادة الله وحده لا شريك له ، والعبادة تتطلب الإخلاص ، قال تعالى : (قُلِ : اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) [الزمر ٣٩ / ١٤] وقال : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ) [البينة ٩٨ / ٥].
ودلّت الآية على أن العلم الصحيح والفقه وفهم أسرار الشريعة يستدعي العمل والطاعة والتزام التكاليف الشرعية ؛ لأن من عرف الله هابه ، ومن هابه امتثل أمره ، ومن آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة يكون أعلم الناس بالله.
فمن تعلم علوم الشريعة وترك العمل بها فهو ساقط الاعتبار أمام الله ، وكان علمه وبالا عليه ، وحجة على ضلاله وهلاكه وفساده.
والتقرب إلى الله لا يكون إلا بالعمل بالعلم ، والعلم الذي لا يبعث على العمل لا يعدّ علما صحيحا. والكفر يتنافى مع الإسلام ، والإسلام دين الفطرة ، وهو في عرف القرآن : دين جميع الأنبياء.