وهذه الآية نظير قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ ، لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزخرف ٤٣ / ٨٧] وقوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، لَيَقُولُنَّ اللهُ) [لقمان ٣١ / ٢٥].
عن مجاهد عن ابن عباس قال : إذا استصعبت دابّة أحدكم أو كانت شموسا (١) ، فليقرأ في أذنها هذه الآية : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).
والخلاصة : إن الدين الحق هو الانقياد لله والإخلاص له ، وإن دين الله واحد ، وإن رسالات الأنبياء ومللهم واحدة في أصولها العامة ، وإن الأنبياء يكمل بعضهم بعضا وينصر بعضهم بعضا ويؤيد دعوته ، وهم جميعا عبيد لله مؤمنون بوحدانيته ، مذعنون لوجهه الكريم ، مخلصون له الدين حنفاء ، وقد أدّوا رسالتهم على الوجه الأكمل ، وما على البشرية إلا التزام منهجهم ، والسير على سنتهم ، دون اختلاف ولا نزاع ولا معاداة ، ولا تمسك بالموروثات ، وبما عندهم من كتاب وحكمة ، فقد انصبّت كل الأديان في الإسلام في صورته الأخيرة ، وانصهرت كل الأحكام في حكم رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وكان القرآن مصدّقا لما بين يديه وما تقدمه من الكتب السماوية ومهيمنا عليها ، ودين الله الواحد : هو عبادة الله وحده لا شريك له الذي أسلم له من في السموات والأرض ، أي استسلم له من فيهما طائعين أو كارهين ، كما قال تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) [الرعد ١٣ / ١٥] وقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ ، عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ ، سُجَّداً لِلَّهِ ، وَهُمْ داخِرُونَ ، وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ ، وَالْمَلائِكَةُ ، وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ، يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ، وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [النحل ١٦ / ٤٨ ـ ٥٠] فالمؤمن مستسلم بقلبه
__________________
(١) الشموس : الدابة النفور التي لا تخضع لأمر صاحبها.