(وَهِيَ خاوِيَةٌ) جملة اعتراضية. وفسر قوم : (وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) أي ساقطة سقوفها ، فلا يكون هناك اعتراض.
(كَمْ لَبِثْتَ) : كم : في موضع نصب على الظرفية الزمانية ، وتقديره : كم لبثت يوما.
(لَمْ يَتَسَنَّهْ) إما أصله : يتسنّن ، من قوله : (حَمَإٍ مَسْنُونٍ) أي متغير ، قلبت النون الثالثة ياء كراهية اجتماع ثلاث نونات ، ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصار «يتسنّى» ثم حذفت الألف للجزم ، فصار : يتسن ، وأدخلت عليه هاء السكت ، وإما مأخوذ من «تسنّه وسانهت» تفعل من السنة ، فيكون المعنى : لم يتغير بمرّ السنين ، وأصل سنة : سنهة. (وَلِنَجْعَلَكَ) الواو عطف على فعل مقدر ، تقديره : انظر إلى حمارك لتتيقن ما تعجبت منه ، حين قلت : أنى يحيي هذه الله بعد موتها ، ولنجعلك آية للناس.
البلاغة :
(بَعْدَ مَوْتِها) أي موت سكان القرية ، مجاز مرسل من قبيل إطلاق المحل وإرادة الحال.
(ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) فيها استعارة الكسوة للحم الذي غطى العظم ، كما يستر الجسد باللباس ، ثم حذف المشبه به وهو الثوب ، وأتى بشيء من لوازمه وهو الكسوة على سبيل الاستعارة المكنية.
المفردات اللغوية :
(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) أي عزير الذي مر على ضيعة هي بيت المقدس ، راكبا ومعه سلة تين وقدح عصير (خاوِيَةٌ) ساقطة ، أو خالية من السكان ، والعروش : السقوف ، لما خربها بختنصر. (أَنَّى يُحْيِي) كيف ، وهو استبعاد منه للإحياء بعد الموت ، والمراد بالإحياء هنا : العمارة بالبناء والسكان (بَعْدَ مَوْتِها) خرابها (فَأَماتَهُ اللهُ) أي جعله فاقدا للحس والحركة والإدراك بدون أن تفارق الروح البدن بتاتا ، كما حدث لأهل الكهف (ثُمَّ بَعَثَهُ) أرسله من بعثت الناقة : إذا أطلقتها من مكانها ، وعبر بالبعث دون الإحياء إيذانا بأنه عاد كما كان أولا حيا عاقلا كامل المدارك. ويرى الأطباء أن من الناس من يبقى حيا زمنا طويلا ، لكنه يكون فاقد الحس والشعور ، وهو المسمى لديهم بالسبات : وهو النوم المستغرق ، ومرد كل ذلك إلى قدرة الله بالحفظ مائة سنة أو ثلثمائة سنة أو أكثر أو أقل ، وقال القرطبي : وظاهر هذه الإماتة أنها بإخراج الروح من الجسد. (طَعامِكَ) التين (وَشَرابِكَ) العصير (لَمْ يَتَسَنَّهْ) لم يتغير مع طول الزمان ، والهاء إما للسكت من سانيت ، وإما من أصل الكلمة وهي سانهت (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ) كيف هو ، فرآه ميتا وعظامه باقية (وَلِنَجْعَلَكَ) فعلنا ذلك لتعلم ولنجعلك آية على البعث ، أي علامة على قدرة