الله (نُنْشِزُها) نرفعها من الأرض ثم نردها إلى أماكنها من الجسد وقرئ «ننشرها» أي نحييها (ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) فنظر إليها وقد تركبت وكسيت لحما ، ونفخ في الجسد الروح ، وظهرت عليه علائم الحياة (أَعْلَمُ) علم مشاهدة.
المناسبة :
القصة السابقة لإثبات وجود الله ، وهذه القصّة والتي تليها في قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) لإثبات الحشر والبعث بعد الفناء.
التفسير والبيان :
أرأيت مثل هذا الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها ، أي ساقطة جدرانها على سقوفها (١) ، وهي معطوفة على قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) وهي بمعنى قوله : هل رأيت مثل الذي حاجّ في ربّه. وما هي القرية؟ ومن هو المارّ؟ قيل : إنّه بيت المقدس ، والمارّ : هو عزير بن شرخيا ، وهو القول المشهور ، وقيل : هي دير هرقل على شطّ الدّجلة ، والمارّ : هو أرميا من سبط هارون عليهالسلام. وقيل : إنه الخضر عليهالسلام ، وقيل : اسمه حزقيل بن بوار ، وقال مجاهد : هو رجل من بني إسرائيل.
فقال : كيف يعمّر الله هذه القرية بعد خرابها ، والمراد استبعاد عمرانها بالبناء والسّكان ، بعد أن خربت وتفرّق أهلها ، ولكنّه في الوقت نفسه يستعظم قدرة الله تعالى لما رأى شدّة خرابها ، فقوله : اعتراف بالعجز عن معرفة طريقة الأحياء ، واستعظام لقدرة المحيي.
فجعله الله فاقد الحسّ والحركة مائة عام ، مع بقائه حيّا ، ثمّ أطلق فيه
__________________
(١) قال السّدي : يقول : هي ساقطة على سقفها ، أي سقطت السّقف ، ثم سقطت الحيطان عليها. واختاره الطّبري. وقال غير السّدّي : معناه خاوية من الناس ، والبيوت قائمة ، وخاوية معناها خالية.