المفردات اللغوية :
(وَإِذْ قالَ) واذكر حين قال (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) قال الجمهور : لم يكن إبراهيم عليهالسلام شاكّا في إحياء الله الموتى قط ، ولا في قدرة الله ، وإنّما طلب المعاينة لكيفية الإحياء ؛ لأن النفوس تحبّ الاطلاع على المجهول ورؤية ما أخبرت به ، ولهذا قال عليهالسلام : «ليس الخبر كالمعاينة» رواه الطبراني عن أنس.
(أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) بقدرتي على الإحياء ، والسؤال والجواب مع علمه تعالى بإيمان إبراهيم لتعليم السامعين. (بَلى) حرف جواب أي آمنت. (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) أي سألتك ليسكن قلبي بالمعاينة المضمومة إلى الاستدلال.
(فَصُرْهُنَ) أي قطعهنّ ، وقيل : المعنى : أملهنّ إليك أي ضمهنّ واجمعهنّ إليك ، وقوله : (إِلَيْكَ) على تأويل التقطيع ، متعلق بفعل «خذ» أي اجمعهنّ عندك ثم قطّعهن ، واخلط لحمهن وريشهن ، ثم وزّع أجزاءهنّ على مجموعة من الجبال ، (ثُمَّ ادْعُهُنَ) (نادهنّ) إليك ، (يَأْتِينَكَ سَعْياً) مسرعات ، طيرانا ومشيّا.
(عَزِيزٌ) غالب لا يعجزه شيء. (حَكِيمٌ) في صنعه وتدبيره.
التفسير والبيان :
ونفّذ إبراهيم الخطّة ولم يعين الله تعالى الأربعة من أي جنس هي من الطّير ، وقيل عن ابن عباس : أخذ طاووسا ونسرا وغرابا وديكا ، وفعل بهنّ ما ذكر ، وأمسك رؤوسهن عنده ، ودعاهنّ ، فتطايرت الأجزاء إلى بعضها ، حتى تكاملت ، ثم أقبلت إلى رؤوسها.
وقال مجاهد : كانت طاووسا وغرابا وحمامة وديكا (١) ، فذبحهنّ ، ثمّ فعل بهنّ ما فعل ، ثمّ دعاهنّ ، فأتين مسرعات ، وهكذا يحيي الله الموتى بمجرد الأمر الإلهي : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس ٣٦ / ٨٢] ، (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ، قالَتا : أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت ٤١ / ١١].
__________________
(١) البحر المحيط : ٢ / ٢٩٩