مستحق للحمد والشكر على جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره ونعمه. ومن الحمد اللائق بجلاله : إنفاق الطيب مما أنعم به.
فقه الحياة أو الأحكام :
موضوع الآية : وجوب اختيار الطيب الجيد من مكاسب الأموال عند إنفاقها في سبيل الله ، سواء أكانت من الزكوات الواجبة أم من الصدقات المندوبة ؛ لأن القصد هو التقرب إلى الله تعالى ، وادخار الثواب على فعل الخير ، وذلك لا يتحقق إلا بجياد الأموال وأطيبها.
والآية خطاب لجميع أمة محمد صلىاللهعليهوسلم (١) ، واختلف العلماء في المعنى المراد بالإنفاق هنا ، فقال علي بن أبي طالب وعبيدة السّلمانيّ وابن سيرين : هي الزكاة المفروضة ، نهى الناس عن إنفاق الرديء فيها بدل الجيد.
وقال البراء بن عازب والحسن البصري وقتادة : إن الآية في التطوع ، ندبوا إلى ألا يتطوعوا إلا بمختار جيد.
والظاهر أن الآية عامة تشمل الزكاة والصدقة ، لكن الزكاة الأمر فيها على الوجوب ، ومخصوصة بالقدر المفروض ، وأما التطوع فالأمر فيه على الندب ، وليس مخصوصا بقدر معين ، فيجوز بالقليل وبالكثير ، لكن يختار الجيد ، وليس القصد هو الممتاز ، فهو الأولى ، ولكن الحد الأدنى المطلوب هو الوسط ، كما قرر الفقهاء في الزكاة.
ودلت الآية على أن للوالد أن يأكل من كسب ولده ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أولادكم من طيّب أكسابكم ، فكلوا من أموال أولادكم هنيئا» (٢).
واستدل أبو حنيفة رضياللهعنه بقوله تعالى : (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ
__________________
(١) البحر المحيط : ٢ / ٣١٦
(٢) رواه البزاز بلفظ : «أولادكم من هبة الله لكم ، فكلوا من كسبهم».