الصفة الثالثة ـ التّعفف :
إظهار العفّة والتّرفع عن الطّمع مما في أيدي الناس ، حتى إن الجاهل بحقيقة حالهم يظنّهم أغنياء ، لعفّتهم وصبرهم وقناعتهم وتعففهم في لباسهم وحالهم ومقالهم. ورد في هذا المعنى حديث متّفق على صحّته عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس المسكين بهذا الطوّاف الذي تردّه التمرة والتمرتان ، واللقمة واللقمتان ، والأكلة والأكلتان ، ولكن المسكين : الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يفطن له فيتصدق عليه ، ولا يسأل الناس شيئا» (١).
الصفة الرابعة ـ القرائن المميزة لهم :
(تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) أي علامتهم ، والتّعرّف عليهم يحتاج إلى فراسة المؤمن (٢) ، وخبرة المجرّب ، وحنكة ذوي البصيرة والعقل ، والتّحرّي عنهم بالسؤال لمن يعرفهم من جيران وأقارب ، وربما يستأنس بمظاهر الضّمور والنّحول والضّعف ورثاثة الثياب ، وربما لا يكون ذلك دليلا مقنعا ، فقد يتظاهر بعضهم بالفقر ، وقد يكتسي بعضهم اللباس المعقول لعزّة نفسه ، ويكون هو المحتاج ، وغيره هو الكاذب.
الصفة الخامسة ـ عدم السؤال أصلا وعدم الإلحاح في السؤال :
(لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) ومعناه في رأي جمهور المفسرين : أنهم متعففون عن المسألة عفة تامة ، ويكون التعفف صفة ثابتة لهم ، أي لا يسألون الناس إلحاحا ولا غير إلحاح.
__________________
(١) رواه أحمد أيضا عن ابن مسعود.
(٢) جاء في حديث السّنن : «اتّقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله» ثم قرأ : إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ.