والمراد من آية العذاب هنا : أني أفعل ما أشاء وأحكم ما أريد ، ولي الحكمة والعدل في كل ذلك. ثم قرن ذلك بما يطمئن العباد وهو أن الرحمة تسبق الغضب ، وهي أعم وأشمل منه ، فهذه آية عظيمة الشمول والعموم ، كقوله تعالى عن حملة العرش ومن حولهم أنهم يقولون : (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) [غافر ٤٠ / ٧].
ثم وصف الله تعالى مستحقي الرحمة وذكر من تثبت لهم : وهم الذين يتصفون بهذه الصفات وهم أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي :
١ ـ الذين يتقون الشرك والمعاصي أو الذنوب.
٢ ـ والذين يؤتون الزكاة التي تتزكى بها نفوسهم ، وتشمل زكاة الأنفس وزكاة الأموال. وخصت الزكاة بالذكر لعلاج مرض الماديين النفعيين وهم اليهود وأمثالهم ، ولأن النفوس شحيحة بها غالبا.
٣ ـ والذين يؤمنون ، أي يصدّقون بآياتنا الدالة على توحيدنا ، وكفاية شريعتنا وسموها وصلاحيتها للعمل والتطبيق ، وصدق رسلنا.
وهؤلاء الموصوفون بهذه الصفات الثلاث هم متبعو ملة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وها هي صفاته في كتب الأنبياء ، بشروا أممهم ببعثته ، وأمروهم بمتابعته ، وأوصافه عندهم سبعة وهي:
١ ـ الرسول النبي الأمي : أي الذي لم يقرأ ولم يكتب ، فالأمية آية من آيات نبوته ، وأن القرآن المعجز منزل عليه من عند الله ، فهو مع أميته أتى بأكمل العلوم وأجداها في العقيدة والعبادة والسياسة والاجتماع والاقتصاد والأخلاق والأعمال. واتباعه : باعتقاد نبوته والعمل برسالته. وهذه الصفة يمكن أن تتنوع إلى صفات ثلاث : هي الرسول : أي المرسل من الله إلى الخلق لتبليغ التكاليف. والنبي وهو يدل على كونه رفيع القدر عند الله تعالى ، والأمي.