٢ ـ وهو الذي يجدون اسمه وصفته كتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، لذا آمن به بعض علماء اليهود مثل عبد الله بن سلام ، وبعض علماء النصارى مثل تميم الداري. فأما المستكبرون فكانوا يكتمون البشارات به في كتبهم ، ويؤولونها. روى الإمام أحمد عن أبي صخر العقيلي قال : حدثني رجل من الأعراب قال : جلبت جلوبة إلى المدينة في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلما فرغت من بيعي قلت : لألقين هذا الرجل فلأسمعن منه ، قال : فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشون ، فتبعتهم حتى أتوا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرؤها ، يعزي بها نفسه عن ابن له في الموت ، كأجمل الفتيان وأحسنها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنشدك بالذي أنزل التوراة ، هل تجد في كتابك هذا صفتي ومخرجي؟» فقال برأسه هكذا ، أي لا ، فقال ابنه : إي ، والذي أنزل التوراة ، إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنك رسول الله فقال : «أقيموا اليهودي عن أخيكم» ثم تولى كفنه والصلاة عليه (١).
وجاء في الباب الثالث والثلاثين في التوراة من سفر تثنية الاشتراع : «جاء الرب من سينا ، وأشرق من ساعير ، واستعلى من جبال فاران ومعه ألوف الأطهار ، في يمينه قبس من نار» ومجيئه من سينا : إعطاؤه التوراة لموسى عليهالسلام ، وإشراقه من ساعير : إعطاؤه الإنجيل لعيسى عليه ، واستعلاؤه من جبال فاران : إنزاله القرآن ؛ لأن فاران من جبال مكة.
وجاء في الباب الخامس عشر من إنجيل يوحنا : «فأما إذا جاء الفارقليط الذي أرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من الأب ينبثق ، فهو يشهد لي ، وأنتم تشهدون لأنكم معي من الابتداء» والفارقليط بالعبرية : معناه أحمد ، كما
__________________
(١) قال ابن كثير في تفسيره (٢ / ٢٥١) : هذا حديث جيد قوي ، له شاهد في الصحيح عن أنس.