النصر أمام القلة ، فقد يحدث العكس إذا اقترن فعل القلة بالصبر والثبات والإيمان والثقة بالله تعالى.
(وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) بالنصر والتأييد والتوفيق إلى النجاح ، فلو جمعتم ما قدرتم من الجموع ، فإن من كان الله معه ، فلا غالب له ، كما قال تعالى : (وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات ٣٧ / ١٧٣] وقال : (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) [المائدة ٥ / ٥٦] وقال : (أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) [المجادلة ٥٨ / ١٩].
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات الأحكام التالية :
١ ـ تحريم الفرار من القتال أمام العدو إلا في حالتين : التحرف لقتال ، أو التحيز إلى فئة. ولكن هذا الحكم مقيد عند الجمهور بألا يزيد عدد الأعداء عن ضعف المسلمين ، فإذا لقيت فئة من المؤمنين فئة هي ضعف المؤمنين من المشركين ، فالفرض ألا يفروا أمامهم ، فمن فر من اثنين فهو فارّ من الزحف ، ومن فرّ من ثلاثة فليس بفارّ من الزحف ، ولا وعيد عليه ، لقوله تعالى : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ ، وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً ، فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ ، وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال ٨ / ٦٦] فالمسلم مطالب بالثبات أمام اثنين من الأعداء ، وهذا ما استقر عليه التشريع.
والفرار معصية كبيرة موبقة ، بظاهر القرآن وإجماع أكثر الأئمة للحديث المتقدم عن السبع الموبقات ، التي منها «التولي يوم الزحف».
أما الهرب من الزحف إذا زاد عدد الأعداء عن ضعف المسلمين فهو مباح ؛ لما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن عمر رضياللهعنهما قال : كنت في سرية من سرايا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فحاص الناس حيصة ،