صُحُفاً مُنَشَّرَةً اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ استيناف للردّ عليهم بأنّ النبوّة ليست بالنّسب والمال وانّما هي بفضائل نفسانيّة يخصّ الله بها من يشاء من عباده فيجتبي لرسالته من علم انّه يصلح لها وهو أعلم بالمكان الذي فيه يضعها وقرئ رسالاته سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ ذل وحقارة بعد كبرهم عِنْدَ اللهِ يوم القيامة وقيل من عند الله وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ القمّيّ أي يعصون الله في السِّرّ.
(١٢٥) فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يعرفه الحق ويوفقه للايمان يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فيتّسع له ويفسح فيه مجاله وهو كناية عن جعل القلب قابلاً للحق مهيّئاً لحلوله فيه مصفّى عمّا يمنعه وينافيه.
في المجمع قد وردت الرواية الصحيحة : أنّه لمّا نزلت هذه الآية سئل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم عن شرح الصّدر وما هو قال نور يقذفه الله تعالى في قلب المؤمن فينشرح صدره وينفسح قالوا فهل لذلك من امارة يعرف بها فقال نعم الإِنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول المو وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ (١) يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً بحيث ينبو عن قبول الحقّ فلا يدخله الإيمان وقرئ ضَيْقاً بالتخفيف وحَرِجاً بالكسر أي شديد الضّيق.
في المعاني عن الصادق عليه السلام : في هذه الآية قال قد يكون ضَيِّقاً وله منفذ يسمع منه ويبصر والحَرِج هو الملتأم الذي لا منفذ له يسمع به ولا يبصر منه.
والعيّاشيّ عنه عليه السلام : أنّه قال لموسى بن أسمر أتدري مَا الحرج قال قلت لا فقال بيده وضمّ أصابعه كالشّيء المصمت (٢) الذي لا يدخل فيه شيء ولا يخرج منه شيء كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ يتصعّد وقرئ بالتخفيف ويصاعد بمعنى يتصاعد مبالغة في ضيق
__________________
(١) لا يجوز أن يكون المراد بالإضلال في الآية الدّعاء الى الضّلال ولا الأمر به ولا إجبار عليه لإجماع الأمة على أنّ الله تعالى لا يأمر بالضلال ولا يدعوا إليه فكيف يجبر عليه والدعاء إليه أهون من الإجبار عليه وقد ذمّ الله فرعون والسّامري عي إضلالهما عن دين الهدى في قوله وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى وقوله وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ ولا خلاف في أن اضلالهما إضلال أمر وإجبار ودعاء وقد ذمهما الله تعالى عليه مطلقاً فكيف بما ذمّ عليه غيره.
(٢) المصمت الذي لا جوف له.