القمّيّ عن الصادق عليه السلام : لما أعطى الله سبحانه إبليس ما أعطاه من القوّة قال آدم يا ربّ سلطته على ولدي وأجريته فيهم مجرى الدّم في العروق وأعطيته ما أعطيتَه فما لي ولولدي فقال لك ولولدك السّيئة بواحدة والحسنة بعشر أمثالها قال ربّ زدني قال التوبة مبسوطة الى أن تبلغ النّفس الحلقوم فقال يا ربّ زدني قال اغفر ولا أبالي قال حسبي.
أقول : لعلّ السّرّ في كون الحسنة بعشر أمثالها والسّيئة بمثلها انّ الجوهر الإنساني المؤمن بطبعه مائل الى العالم العلوّي لأنّه مقتبس عنه وهبوطه الى القالب الجسماني غريب من طبيعته والحسنة انما ترتقي الى ما يوافق طبيعة ذلك الجوهر لأنّها من جنسه والقوّة التي تحرك الحجر الى ما فوق ذراعاً واحداً هي بعينها ان استعملت في تحريكه الى أسفل حركتَه عشرة أذرع وزيادة فلذلك كانت الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف ومنها ما يوفى أجرها بغير حساب والحسنة التي لا يدفع تأثيرها سمعة أو رياء أو عجب كالحجر الذي يدور من شاهق لا يصادفه دافع لأنّه لا يتقدر مقدار هويته بحساب حتّى تبلغ الغاية.
(١٦١) قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ بالوحي والإرشاد دِيناً هداني دِيناً قِيَماً فَيُعِل من قام كالسيّد والهَيّن وقرئ قيماً بكسر القاف خفيفة الياءِ على المصدر مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً هداني وعرّفني مِلَّةَ إِبْراهِيمَ في حال حنيفيته (١) وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ العيّاشيّ ، عن الباقر عليه السلام : ما أبقت الحنيفية شيئاً حتّى أنّ منها قص الأظفار والأخذ من الشارب والختان.
وعنه عليه السلام : ما من أحد من هذه الأمة يدين بدين إبراهيم غيرنا وغير شيعتنا وعن السجّاد عليه السلام : ما أحد على مِلَّةَ إِبْراهِيمَ عليه السلام إلّا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها بَرَآء.
__________________
(١) الحنيف : المسلم المائل الى الدّين المستقيم والجمع حنفاء والحنيف المسلم لأنّه لا تحنّف أي تحرى الدين المستقيم والحنف محركة الاستقامة.