القمّيّ أي هربوا عنكم يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ يريدون أن يفتنوكم بإيقاع الخلاف فيما بينكم والرّعب في قلوبكم وافساد نيّاتكم في غزوتكم وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ أي عيون نمّامون يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم أو فيكم قوم يسمعون قول المنافقين ويقبلونه ويطيعونهم يريد من كان ضعيف الإِيمان من المسلمين وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ المصرّين على الفساد يعلم ضمائرهم وما يتأتّى منهم.
(٤٨) لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ تشتيت شملك وتفريق أصحابك مِنْ قَبْلُ قيل يعني يوم أُحد وقيل هي وقوفهم على الثّنيّة ليلة العقبة ليفتكوا به وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ أي دبّروا لك الحيل والمكايد واحتالوا في إبطال أمرك حَتَّى جاءَ الْحَقُ وهو تأييدك ونصرك وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وغلب دينه وعلا أهله وَهُمْ كارِهُونَ أي على رغِم منهم والإتيان لتسلية الرّسُول والمؤمنين على تخلّفهم وبيان ما ثبّطهم الله لأجله وهتك استارهم وإزاحة اعتذارهم تداركاً لما فات الرّسول بالمبادرة إلى الإذْن.
(٤٩) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي في القعود وَلا تَفْتِنِّي ولا توقعني في الفتنة أي العصيان للمخالفة بأن لا تأذن لي فانّي إن تخلّفت بغير اذنك أثمت أو في الفتنة بنساء الروم كما يأتي ذكره أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا أي أنّ الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة التخلّف وظهور النفاق وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ أي بهم لأنّ آثار إحاطتها بهم معهم فكأنّهم في وسطها.
القمّيّ : لقى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الجدّ بن قيس فقال له يا أبا وهب الا تنفر معنا في هذه الغزوة لعلّك أن تحتفد من بنات الأصفر فقال يا رسول الله والله إن قومي ليعلمون أنّه ليس فيهم أحد أشدّ عجباً بالنساء مني وأخاف إن خرجت مَعَك أن لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر فلا تفتنّي وائذن لي أن أقيمَ وقال لجماعة من قومه لا تخرجوا في الحرّ فقال ابنه تردّ على رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلم وتقول ما تقول ثمّ تقول لقومك ولا تنفروا في الحرّ والله لينزلنّ الله في هذا قرآناً يقرؤه الناس إلى يوم القيامة فأنزل الله على رسوله في ذلك وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي الآية ثمّ قال الجدّ