(٨١) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ فإن الإِيمان يمنع من ذلك وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن دينهم.
(٨٢) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا لشدة شكيمتهم (١) وتضاعف كفرهم وانهماكهم (٢) في اتباع الهوى وركونهم إلى التقليد وبعدهم عن التحقيق وتمرنهم على تكذيب الأنبياء ومعاداتهم إياهم وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى للين جانبهم ورقة قلوبهم وقلة حرصهم على الدنيا وكثرة اهتمامهم بالعلم والعمل ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ رؤساء في الدين والعلم وَرُهْباناً عباداً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ عن قبول الحق إذا فهمُوه ويتواضعون.
(٨٣) وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ من الذين شهدوا بأنّه حق.
(٨٤) وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ استفهام إنكار واستبعاد لإِنتفاء الإِيمان مع قيام الداعي وهو الطمع في الانخراط (٣) مع الصَّالِحِينَ والدخول مداخلهم.
(٨٥) فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا عن اعتقاد وإخلاص كما دل عليه قوله مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِ والقول إذا اقترن بالمعرفة كمل الإِيمان جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أبدا وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ.
العيّاشيّ عن الصادق عليه السلام : في قوله تعالى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً قال أولئِكَ كانوا بين عيسى ومحمّد عليهما السلام ينتظرون مجيء محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم القمّيّ : كان سبب نزولها أنّه لما اشتدت قريش في أذى رسول الله صلىّ الله
__________________
(١) فلان شديد الشكيمة إذا كان لا ينقاد لأحد لما فيه من الصلابة والصعوبة على العدوّ وغيره.
(٢) يقال انهمك الرّجل في الشيء اي جدّ ولجّ وفي ق الانهماك التمادي في الشيء واللجاج فيه.
(٣) والانخراط معهم امّا بمعنى الاستصلاح اي نصلح حالنا ونعالج أنفسنا بمرافقتهم وبمعنى الانسلال أي نلقى أنفسنا بينهم فالأول من خرط العود قشر وسوّاه والثَّاني من اخترط السّيف استلّه ومن خرط البعير في المرعى أو الدلو في البئر أرسلهما.