عليه وآله وسلم وأصحابه الذين آمنُوا بمكّة قبل الهجرة أمرهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أن يخرجوا الى الحبشة وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم فخرج جعفر ومعه سبعون رجلاً من المسلمين حتّى ركبوا البحر فلما بلغ قريشاً خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد الى النجاشيّ ليردهم إليهم وكان عمرو وعمارة متعاديين فقالت قريش كيف نبعث رجلين متعاديين فبرأت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرأت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص فخرج عمارة وكان حسن الوجه شاباً مترفاً فأخرج عمرو بن العاص أهله معه فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر فقال عمارة لعمرو بن العاص قل لأهلك تقبلني فقال عمرو أيجوز هذا سبحان الله فسكت عمارة فلما انتشى (١) عمرو وكان على صدر السفينة فدفعه عمارة وألقاه في البحر فتشبث عمرو بصدر السفينة وأدركوه وأخرجوه فوردوا على النجاشيّ وقد كانوا حملوا إليه هدايا فقبلها منهم فقال عمرو بن العاص أيّها الملك إن قوماً خالفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا وصاروا إليك فردّهم إلينا فبعث النجاشيّ إلى جعفر فجاءه فقال يا جعفر ما يقول هؤلاء فقال جعفر أيّها الملك وما يقولون قال يسألون أن أردّكم إليهم.
قال أيّها الملك سلهم أعبيد نحن لهم؟ فقال عمرو لا بل أحرار كرام.
قال فسلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ فقال لا ما لنا عليكم ديون.
قال فلكم في أعناقنا دماء تطالبونها؟ فقال عمرو : لا قال : فما تريدون منا؟ آذيتمونا فخرجنا من بلادكم؟
فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك خالفونا في ديننا وسبّوا آلهتنا وأفسدُوا شباننا وفرقوا جماعتنا فردّهم إلينا لنجمع أمرنا فقال جعفر نعم أيها الملك خالفناهم بعث الله فينا نبيّاً أمر بخلع الأنداد وترك الاستقسام بالأزلام وأمرنا بالصّلوة والزّكوة وحرم الظلم والجور وسفك الدماء بغير حقها والزّناءِ والرّباءِ والميتة والدم ولحم الخنزير وأمرنا بالعدل والإِحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي فقال النجاشيّ بهذا
__________________
(١) نشى نشواً ونشوة مثلّثة سكر.