(٣٨) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ تعليل لما قبله وتمهيد للدعوة وإظهار أنّه من أهلِ بيت النبوّة لتقوّى رغبتهما في الاستماع إليه والوثوق عليه ما كانَ لَنا ما صحّ لنا معشر الأنبياء أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ أيّ شيء كان ذلِكَ أي التوحيد مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا بالوحي وَعَلَى النَّاسِ وعلى سائر الناس ببعثنا لإِرشادهم وتنبيهِهِم عليه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ المبعوث إليهم لا يَشْكُرُونَ هذا الفضل والنّعمة فيعرضون عنه ولا ينتبهون.
(٣٩) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ يا ساكنيه أو يا صاحبيّ فيه كقولهم يا سارق الليلة أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ شتّى متعدّدة متساوية الأقدام خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ المتوحد بالألوهية الْقَهَّارُ الغالب الذي لا يعادله شيء ولا يقاومه غيره.
(٤٠) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ خطاب لهما ولمن على دينهما من أهل مصر إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ يعني الأشياء سمّيتموها آلهِة من غير حجة تدلّ على استحقاقهَا الإِلهيّة وانّما تعبدونها باعتبار ما تطلقون عليها فكأنكم لا تعبدون إلّا الأسماء المجرّدة إِنِ الْحُكْمُ في أمر العبادة إِلَّا لِلَّهِ لأنّه المستحق لها بالذاتِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ الحقّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فيخبطون في جهالاتهم.
(٤١) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما يعني صاحب الشراب فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً كما يسقيه قبل.
القمّيّ : قال له يوسف عليه السلام تخرج من السجن وتصير على شراب الملك وترتفع منزلتك عنده وَأَمَّا الْآخَرُ يعني الخبّاز فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ
القمّيّ : ولم يكن رأى ذلك وكذب فقال له يوسف أنت يقتلك الملك ويصلبك وتأكل الطّير من دماغك فجحد الرّجل فقال إنّي لم أَرَ ذلك فقال يوسف عليه السلام قُضِيَ (١) الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ
__________________
(١) وفي هذا دلالة على انه كان يقول ذلك على جهة الأخبار عن الغيب بما يوحى إليه لا كما يعبّر أحدنا الرؤيا على جهة التّأويل م ن.