العيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : ملك يوسف مصر وبراريها لم يجاوزها الى غيرها ويأتي فيه حديث آخر يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ ينزل من بلادها حيث يهوى لاستيلائه على جميعها وقرئ نشاء بالنون نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ في الدنيا والآخرة وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ بل نوفّي أجورهم عاجلاً وآجلاً
(٥٧) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ الشرك والفواحش لعظمه ودوامه.
(٥٨) وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ للميرة (١) وذلك أنّه أصاب كنعان ما أصاب سائر البلاد من الجدب فأرسل يعقوب بنيه غير بنيامين إليه فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ أي عرفهم يوسف لأنّ همّته كانت معقودة بهم ولم يعرفوه لطول العهد (٢) ومفارقتهم إيّاه في سنّ الحداثة ونسيانهم إيّاه وتوهّمهم أنّه هلك وبُعْد حاله التي رأوه عليها من حاله حين فارقوه وقلّة تأمّلهم في حلاه (٣) من التهيب والاستعظام.
العيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : ولم يعرفه اخوته لهيبة الملك وعزّه.
القمّيّ : أمر يوسف أن يبنى له كناريج من صخر وطيّنها بالكِلس (٤) ثم أمر بزرع مصر فحصدت ودفع إلى كلّ إنسان حصة وترك في سنبله لم يدسّه فوضعها في الكناريج ففعل ذلك سبع سنين فلما جاءت سنوات الجدب كان يخرج السنبل فيبيع بما شاء وكان بينه وبين أبيه ثمانية عشر يوماً وكان في بادية وكان الناس من الآفاق يخرجون إلى مصر ليمتاروا به طعاماً وكان يعقوب وولده نزولاً في بادية فيها مُقل (٥) فأخذ إخوة يوسف
__________________
(١) يقال فلان يمير اهله إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدهم من الميرة بالكسر فالسّكون طعام يمتاره الإِنسان اي بجلبه من بلد الى بلد ومارهم ميراً من باب باع بالميرة والميتار جالب الميرة م.
(٢) قيل كان بين ان قذفوه في الجب وبين أن دخلوا عليه أربعين سنة فلذلك أنكروه لأنّهم رأوه جالساً على السّرير وعليه ثياب الملوك ولم يكن يخطر ببالهم انه يصير الى تلك الحالة وكان يوسف ينتظر قدومهم عليه فكان اثبت لهم.
(٣) الحلية بالكسر الخلقة والصورة والصفة.
(٤) الكِلس بالكسر الصّاروج ق الصّاروج النّورة وأخلاطها معرّب وصرج الحوض تصريجاً ق.
(٥) المقل بالضّم الكندر الّذي يتدخّن به اليهود وهو صمغ شجرة ومنه هندي وعربي وصقلّي والكل نافع للسّعال ونهش الهوام والبواسير وتنقية الرّحم اه ق.