السبع سنين المخصبة فكبسه (١) في الخزائن فلمّا مضت تلك السنون وأقبلت السنون المجدبة (٢) أقبل يوسف على بيع الطعام فباعهم في السنة الأولى بالدراهم والدنانير حتّى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلّا صار في ملكيّة يوسف وباعهم في السّنة الثانية بالحليّ والجواهر حتّى لم يبق بمصر وما حولها حليّ ولا جوهر الا صار في ملكيّة يوسف وباعهم في السنة الثالثة بالدّوابّ والمواشي حتّى لم يبق بمصر وما حولها دابّة ولا ماشية الا صارت في ملكية يوسف وباعهم في السنة الرابعة بالعبيد والإِماءِ حتّى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا أمة الا صاروا في ملكيّة يوسف وباعهم في السنة الخامسة بالدّور والعقار حتّى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار حتّى صار في ملكيّة يوسف وباعهم في السنة السادسة بالمزارع والأنّهار حتّى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة حتّى صار في ملكيّة يوسف وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتّى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حرّ حتّى صار عبد يوسف فملك أحرارهم وعبيدهم وأموالهم وقال الناس ما رأينا وما سمعنا بملك أعطاه الله من الملك ما أعطى هذا الملك حكماً وعلماً وتدبيراً ثمّ قال يوسف للملك أيها الملك ما ترى فيما خوّلني ربّي من ملك مصر وأهلها أشر علينا برأيك فانّي لم أصلحهم لأفسدهم ولم أنجهم من البلاء لأكون وبالاً عليهم ولكن الله نجاهم على يدي قال له الملك الرّأي رأيك قال يوسف إنّي أشهد الله وأشهدك أيها الملك أنّي قد أعتقت أهل مصر كلهم ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ورددت عليهم أيها الملك خاتمك وسريرك وتاجك على أن لا تسير الا بسيرتي ولا تحكم إلّا بحكمي قال له الملك إِنّ ذلك لَشرفي وفخري ألّا أسير الا بسيرتك ولا أحكم الا بحكمك ولو لاك ما قويت عليه ولا اهتديت له ولقد جعلت سلطاني عزيزاً ما يرام وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنّك رسوله فأقم على ما وليتك إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ.
(٥٦) وَكَذلِكَ ومثل ذلك التّمكين الظّاهر مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ أرض مصر.
__________________
(١) كبس البئر والنّهر يكبسهما طمّهما بالتّراب وذلك التّراب كِبس بالكسر ورأسه في ثوبه أخفاه وادخله فيه ق
(٢) روي : أنّ يوسف عليه السّلام كان لا يمتلي شبعاً من الطّعام في تلك الأيّام المجدبة فقيل له تجوع وبيدك خزائن الأرض فقال عليه السّلام أخاف أن أشبع فأنسى الجياع.