وكلما اشتدت الإناءة اشتد الحر. (١) وليست الحرارة إنما تشتد فى الصيف بسبب أن الشمس تصير أقرب مسألة منا ؛ بل هى أبعد حينئذ مسافة ، لأنها أوجية ، لكنها فى الصيف أقرب مسامتة ، وهى فى الشتاء أقرب مسافة وأبعد مسامتة. والشعاع الذي يقع من الشمس يكون كأنه شىء يفيض منه على صورة مخروط أو اسطوانة مثلا ، وتكون واسطته ، وهو الذي لو توهمناه شيئا متصلا بين الشمس وبين المستضيء ، كان خارجا من مركز الأرض ، نافذا فى وسط تلك (٢) الصورة كالمحور أو كالسهم ؛ هى أشد المواضع تسخينا لأنه أشد المواضع إنارة ، لأن الأطراف أضعف فى التأثيرات من الواسطة المكتنفة من كل جهة بالسبب المقوى ، (٣) فما يسقط عليه هذا السهم المتوهم يكون أشد إضاءة (٤) فلذلك يكون أشد سخونة ، وما يبعد عن هذا السهم يكون أقل اضاءة فيكون أقل سخونة (٥) ، أعنى السخونة التي تلزم من نفس المسامتة المضيئة فقط.
والذي يقال من أمر التفاف الأشعة ورجوعها على زوايا حادة تارة ومنفرجة أخرى ، فهو تشبيه لا حقيقة له (٦). فإن الضوء لا ذات له فى الجو البتة ، وكل ما له ضوء فإنه يرى والجو (٧) لا يرى البتة ، بل هو شاف. لكن (٨) ليس كل ما يسخن (٩) الجو من الشمس إنما هو بهذه المسامنة ، (١٠) وإلا لكان الحر والشمس فى نقطة السرطان أشد منه وهى (١١) فى نقطة الأسد ؛ وليس كذلك ، وإلا لكان الحر والشمس فى نقطة الجوزاء مساويا للحر وهى فى نقطة الأسد ، والحر وهى فى نقطة النور مساويا للحر وهى فى نقطة السنبلة ، وليس الأمر كذلك ، ولكانت البلدان التي هى أقرب إلى مجاز الشمس لا تكون البتة أبرد من البلاد النائية عنه ، (١٢) وقد يكون كثيرا.
وبالجملة فإن الشمس لو كان يجوز لها أن تنتقل دفعة إلى نقطة السرطان ، لكانت لا تسخن البلاد التي تحتها تسخينا شديدا مفرطا ، بل كان يكون إلى حد ما. وهذا مثل
__________________
(١) الحر : الضوء م
(٢) تلك : هذه ب ؛ ذلك ط
(٣) المقوى : القوى ط
(٤) إضاءة : إنارة د ، سا ، ط ، م
(٥) سخونة (الثانية) : إضاءة د ، سا ، م.
(٦) له (الأولى) : لها ط
(٧) والجو : والضوء سا
(٨) لكن : لكنه ط
(٩) ما يسخن : تسخين د ، سا ، ط
(١٠) بل هو شاف ... المسامتة : ساقطة من م
(١١) وهى : وهو ب ؛ والشمس م
(١٢) عنه : عنها د ، سا ، ط ، م.