الصدّيقين» (١) لما أنّهم يعرّفونه تعالى به (٢) لا بغيره (٣). وهو كما ستقف عليه برهان إنّيّ يسلك فيه من لازم من لوازم الوجود إلى لازم آخر (٤).
وقد قرّر بغير واحد من التقرير (٥) :
وأوجز ما قيل أنّ حقيقة الوجود إمّا واجبة وإمّا تستلزمها ، فإذا الواجب بالذات موجود ، وهو المطلوب (٦).
__________________
ـ الّذين يستشهدون به لا بغيره عليه. وهي طريقة الوجود والموجود من حيث هو موجود». ثمّ قال في هامشه : «الفرق بين الطريقتين [طريقة الإلهيّين وطريقة المتألّهين] أنّ المتألّهين يعتقدون أصالة الوجود وأنّ الوجود العامّ البديهيّ عنوان لحقيقة بسيطة مبسوطة نوريّة ، ويقولون : «إن كانت واجبة فهو المطلوب» فهم ناظرون إلى حقيقة الوجود. والإلهيّون ناظرون إلى مفهوم الوجود وأنّ له فردا واجب الوجود وكونه من قبيل الاستدلال من ذاته على ذاته ، لأنّ وجه الشيء هو الشيء بوجه». راجع شرح دعاء الصباح : ٢٦.
(١) وأوّل من سمّاه ب «برهان الصدّيقين» هو الشيخ الرئيس ، حيث قال : «أقول : إنّ هذا حكم للصدّيقين الذين يستشهدون به لا عليه». راجع شرح الإشارات ٣ : ٦٦.
(٢) أي : بنفسه تعالى. فيستدلّون بذاته على ذاته من دون واسطة كالإمكان والحدوث وغيرهما ، وإليه الإشارة في قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصّلت : ٥٣ ، وقوله عليهالسلام في دعاء الصباح «يا من دلّ على ذاته بذاته» ، وقوله عليهالسلام في دعاء عرفة : «ألغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهر لك؟! متى غبت حتّى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك؟!».
(٣) بخلاف المتكلّمين فإنّهم استدلّوا عليه بالحدوث ، والطبيعيّين حيث استدلّوا عليه تارة من طريق الحركة وتارة اخرى من طريق النفس الإنسانيّة ، وبعض الحكماء حيث استدلّوا عليه بالإمكان والماهيّة.
(٤) فيسلك ـ مثلا ـ من كون الوجود حقيقة مشكّكة ذات مراتب تامّة صرفة وناقصة مشوبة إلى كون المرتبة التامّة الصرفة منه واجب الوجود ، وكلاهما لازم الوجود. أو يسلك من أنّ لحقيقة الوجود سعة لا يشذّ شيء عن حيطتها إلى عدم العلّة لها ، وكلاهما لازم الوجود.
(٥) راجع شرح المنظومة : ١٤٥ ـ ١٤٦ ، والأسفار ٦ : ١٤ ـ ١٦ ، والمبدأ والمعاد للشيخ الرئيس : ٢٢ ، وكشف المراد : ٢٨٠ ، وشوارق الإلهام : ٤٩٤ ـ ٤٩٨ ، وتهافت التهافت : ٤٦٠.
(٦) وأوجز منه أن يقال : «الوجود الحقيقيّ إن كان واجبا فهو المطلوب ، وإلّا استلزمه لا محالة».