وكمال وجوديّ (١) ، ولازمه عينيّة الواجب والممكن ، تعالى الله عن ذلك ، وهو خلاف الضرورة.
قلنا : كلّا ، ولو حمل الوجودات الممكنة عليه تعالى حملا شائعا صدقت عليه تعالى بكلتا جهتي إيجابها وسلبها وحيثيّتي كمالها ونقصها اللّتين تركّبت ذواتها منهما (٢) فكانت ذات الواجب مركّبة وقد فرضت بسيطة الحقيقة ، وهذا خلف. بل وجدانه تعالى بحقيقته البسيطة كمال كلّ موجود وجدانه له بنحو أعلى وأشرف ، من قبيل وجدان العلّة كمال المعلول ، مع ما بينهما من المباينة الموجبة لامتناع الحمل.
وهذا هو المراد بقولهم : «بسيط الحقيقة كلّ الأشياء» (٣) ، والحمل حمل الحقيقة والرقيقة (٤) دون الحمل الشائع (٥).
وقد تبيّن بما تقدّم أنّ الواجب لذاته تمام كلّ شيء.
__________________
(١) لأنّ كلّ كمال وجوديّ ممكن لا يسلب عنه ، فلا يسلب حمله عليه ، فيحمل عليه.
(٢) وفي النسخ : «منها» الصحيح ما أثبتناه.
(٣) راجع الأسفار ٦ : ١١٠ ـ ١١٤.
(٤) وهو حمل بعض مراتب الوجود المشكّك على بعض وليس شيء من مراتب الوجود عين الاخرى ، بل كلّ مرتبة عالية منها مقوّمة للمرتبة الدانية ، والدانية متقوّمة بالعالية ، والعالية واجدة لكمال نفسها وكمال الدانية.
(٥) قال المصنّف رحمهالله ـ تعليقا على الأسفار ٦ : ١١٠ ـ : «ليس من قبيل الحمل الشايع ، فإنّ الحمل الشايع (كقولنا : زيد إنسان وزيد قائم) يحمل فيه المحمول على موضوعه بكلتا حيثيتي إيجابه وسلبه اللّتين تركّبت ذاته منهما. ولو حمل شيء من الأشياء على بسيط الحقيقة بما هو مركّب صدق عليه ما فيه من السلب ، فكان مركّبا وقد فرض بسيط الحقيقة ، هذا خلف. فالمحمول عليه من الأشياء جهاتها الوجوديّة فحسب. وإن شئت فقل : إنّه واجد لكلّ كمال ، أو أنّه مهيمن على كلّ كمال. ومن هذا الحمل حمل المشوب على الصرف وحمل المحدود على المطلق».