الْعالَمِينَ) إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة (١) وأنه من أجلّ النعم وأجزل القسم. وقرئ «فتحنا» بالتشديد.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ)(٤٦)
(إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ) بأن يصمكم ويعميكم (وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) بأن يغطى عليها ما يذهب عنده فهمكم وعقلكم (يَأْتِيكُمْ بِهِ) أى يأتيكم بذاك ، إجراء للضمير مجرى اسم الإشارة أو بما أخذ وختم عليه (يَصْدِفُونَ) يعرضون عن الآيات بعد ظهورها.
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ)(٤٧)
لما كانت البغتة أن يقع الأمر من غير أن يشعر به وتظهر أماراته ، قيل (بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً) وعن الحسن : ليلا أو نهاراً. وقرئ بغتة أو جهرة (٢) (هَلْ يُهْلَكُ) أى ما يهلك هلاك تعذيب وسخط إلا الظالمون. وقرئ. هل يهلك بفتح الياء.
(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٤٨)
(مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) من آمن بهم وبما جاءوا به وأطاعهم ، ومن كذبهم وعصاهم ولم يرسلهم ليتلهى بهم ويقترح عليهم الآيات بعد وضوح أمرهم بالبراهين القاطعة (وَأَصْلَحَ) ما يجب عليه إصلاحه مما كلف.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)(٤٩)
__________________
(١) قال محمود : «الحمد هاهنا إيذان بوجوب الحمد عند هلاك ... الخ» قال أحمد : ونظيرها قوله تعالى (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) ، (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) فيمن وقف هاهنا وجعل الحمد على إهلاك المتقدم ذكرهم من الطاغين. ومنهم من وقف على المنذرين وجعل الحمد متصلا بما بعده من إقامة البراهين على وحدانية الله تعالى ، وأنه جل جلاله خير مما يشركون ، فعلى الأول يكون الحمد حتما ، وعلى الثاني فاتحة ، وهو مستعمل فيهما شرعا ، ولكنه في ، آية النمل أظهر في كونه مفتتحا لما بعده ، وفي آية الأنعام ختم لما تقدمه ختما ، إذ لا يقتضى السياق غير ذلك ، والله أعلم.
(٢) قوله «بغتة أو جهرة» كذا في أبى السعود والبيضاوي. وفي بعض نسخ هذا الكتاب بغتة أو جهرة ، وكتب عليه : أى بتحريك الغين والهاء. اه (ع)