السقاية والعمارة : مصدران من سقى وعمر ، كالصيانة والوقاية. ولا بد من مضاف محذوف تقديره (أَجَعَلْتُمْ) أهل (سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ) وتصدقه قراءة ابن الزبير وأبى وجزة السعدي (١) ـ وكان من القراء ـ : سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام. والمعنى إنكار أن يشبه المشركون بالمؤمنين ، وأعمالهم المحبطة بأعمالهم المثبتة ، وأن يسوى بينهم. وجعل تسويتهم ظلماً بعد ظلمهم بالكفر. وروى أن المشركين قالوا لليهود : نحن سقاة الحجيج وعمار المسجد الحرام ، أفنحن أفضل أم محمد وأصحابه؟ فقالت لهم اليهود : أنتم أفضل. وقيل : إن عليا رضي الله عنه قال للعباس : يا عمّ ألا تهاجرون ، ألا تلحقون برسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال : ألست في أفضل من الهجرة : أسقى حاجّ بيت الله ، وأعمر المسجد الحرام ، فلما نزلت قال العباس : ما أرانى إلا تارك سقايتنا. فقال عليه السلام «أقيموا على سقايتكم فإن لكم فيها خيراً (٢)
(الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)(٢٢)
هم (أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ) من أهل السقاية والعمارة عندكم (وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) لا أنتم والمختصون بالفوز دونكم. قرئ : (يُبَشِّرُهُمْ) بالتخفيف والتثقيل. وتنكير المبشر به لوقوعه وراء صفة الواصف وتعريف المعرّف. وعن ابن عباس رضى الله عنه : هي في المهاجرين خاصة (٣)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣) قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها
__________________
(١) قوله «وأبى وجزة السعدي» في الصحاح : أنه شاعر ومحدث. (ع)
(٢) ذكره الثعلبي عن الحسن بغير إسناد لكن سنده إليه في أول الكتاب في تفسير عبد الرزاق عن معمر عن عمر ، وهو ابن عبيد عن الحسن قال «نزلت في على والعباس ، وعثمان وشيبة تكلموا في ذلك. فقال العباس : ما أرانى إلا تاركا سقايتنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فذكره.
(٣) أخرجه الثعلبي من رواية جويبر عن الضحاك عنه.