بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة الأنعام
مكية [إلا الآيات ٢٠ و ٢٣ و ٩١ و ٩٣ و ١١٤ و ١٤١ و ١٥١ و ١٥٢ و ١٥٣ فمدنية] وعن ابن عباس : غير ست آيات ، وآياتها ١٦٥ [نزلت بعد الحجر]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)(١)
(جَعَلَ) يتعدّى إلى مفعول واحد إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ ، كقوله (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) وإلى مفعولين إذا كان بمعنى صير ، كقوله (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) والفرق بين الخلق والجعل : أن الخلق فيه معنى التقدير (١) وفي الجعل معنى التضمين ، كإنشاء شيء من شيء ، أو تصيير شيء شيئا ، أو نقله من مكان إلى مكان. ومن ذلك (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) ، (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) : لأن الظلمات من الأجرام المتكاثفة ، والنور من النار (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً). فإن قلت : لم أفرد النور (٢)؟ قلت : للقصد إلى الجنس ،
__________________
(١) قال محمود : «الفرق بين الجعل والخلق أن الخلق فيه معنى التقدير ... الخ» قال أحمد : وقد وردت «جعل» و «خلق» موردا واحدا فورد (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) وورد (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) وذلك ظاهر في الترادف ، إلا أن للخاطر ميلا إلى الفرق الذي أبداه الزمخشري. ويؤيده أن «جعل» لم يصحب السموات والأرض ، وإنما لزمتها «خلق» وفي إضافة الخلق في هذه الآية إلى السموات والأرض ، والجعل إلى الظلمات والنور مصداق للمميز بينهما ، والله أعلم.
(٢) عاد كلامه. قال : فإن قلت : لم أفرد النور؟ قلت : للقصد ... الخ» قال أحمد : وقد سبق للزمخشري الاستدلال يجمع الجنس على التكثير ، واعتقاد أنه أدل على الكثرة من الافراد. وقد قدمنا ما في ذلك من النظر ، وأسلفنا الاستدلال بقول حبر الأمة : كتابه أكثر من كتبه ، على خلاف ذلك» وهو رأى الامام أبى المعالي.