للتخصيص. فإن قلت : كيف يكون قوله (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) جواباً للشرط؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : إلا تنصروه فسينصره من نصره حين لم يكن معه إلا رجل واحد ولا أقل من الواحد ، فدلّ بقوله (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) على أنه ينصره في المستقبل ، كما نصره في ذلك الوقت. والثاني : أنه أوجب له النصرة وجعله منصوراً في ذلك الوقت : ، فلن يخذل من بعده. وأسند الإخراج إلى الكفار كما أسند إليهم في قوله (مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) لأنهم حين هموا بإخراجه أذن الله له في الخروج ، فكأنهم أخرجوه (ثانِيَ اثْنَيْنِ) أحد اثنين ، كقوله (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) وهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضى الله عنه. يروى أنّ جبريل عليه السلام لما أمره بالخروج قال : من يخرج معى؟ قال أبو بكر ، وانتصابه على الحال : وقرئ ثانى اثنين ، بالسكون. و (إِذْ هُما) بدل من إذ أخرجه. والغار : ثقب في أعلى ثور ، وهو جبل في يمين مكة على مسيرة ساعة ، مكثا فيه ثلاثا (إِذْ يَقُولُ) بدل ثان. قيل طلع المشركون فوق الغار فأشفق أبو بكر رضى الله عنه على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال : إن تصب اليوم ذهب دين الله (١) فقال عليه الصلاة والسلام : «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» : وقيل : لما دخلا الغار بعث الله تعالى حمامتين فباضتا في أسفله ، والعنكبوت فنسجت عليه (٢). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم أعم أبصارهم (٣)» : فجعلوا يتردّدون حول الغار ولا يفطنون. وقد أخذ الله بأبصارهم عنه. وقالوا : من أنكر صحبة أبى بكر رضى الله عنه فقد كفر ، لإنكاره كلام الله ، وليس ذلك لسائر الصحابة (سَكِينَتَهُ) ما ألقى في قلبه من الأمنة التي سكن عندها وعلم أنهم لا يصلون إليه. والجنود الملائكة يوم بدر ، والأحزاب وحنين. وكلمة الذين كفروا : دعوتهم إلى الكفر (وَكَلِمَةُ اللهِ) دعوته إلى الإسلام. وقرئ «كلمة الله» بالنصب ، والرفع أوجه. و (هِيَ) فصل أو مبتدأ ، وفيها تأكيد فضل كلمة الله في العلوّ ، وأنها المختصة به دون سائر الكلم (خِفافاً وَثِقالاً) خفافا في النفور لنشاطكم له ، وثقالا عنه لمشقته عليكم ، أو خفافا لقلة عيالكم وأذيالكم ، وثقالا لكثرتها. أو خفافا من السلاح وثقالا منه. أو ركبانا ومشاة. أو شبابا وشيوخا. أو مهازيل
__________________
(١) لم أجده هكذا. وفي الصحيحين عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه قال «نظرت إلى أقدام المشركين على رءوسنا ونحن في الغار. فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدميه لأبصرنا. فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
(٢) أخرجه البزار من طريق عوف بن عمرو عن أبى مصعب المكي : سمعت أنس بن مالك وغيره «أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغار أمر الله تعالى صخرة فثبتت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم فسترته وأمر العنكبوت فنسجت في وجهه فسترته. وأمر حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار ـ الحديث».
(٣) لم أجده