الخلق ، بمعنى لأنه. أو هو منصوب بالفعل الذي نصب وعد الله : أى وعد الله وعداً بدأ الخلق ثم إعادته. والمعنى : إعادة الخلق بعد بدئه. وقرئ : وعد الله ، على لفظ الفعل. ويبدئ ، من أبدأ. ويجوز أن يكون مرفوعاً بما نصب حقا ، أى حقّ حقا بدأ الخلق ، كقوله:
أَحَقَّا عِبَادَ اللهِ أَنْ لَسْتُ جَائِياً |
|
وَلَا ذَاهِباً إلّا عَلَىَّ رَقِيبُ (١) |
وقرئ : حق أنه يبدؤ الخلق ، كقولك : حق أنّ زيداً منطلق (بِالْقِسْطِ) بالعدل ، وهو متعلق بيجزى. والمعنى : ليجزيهم بقسطه ويوفيهم أجورهم. أو بقسطهم وبما أقسطوا وعدلوا ولم يظلموا حين آمنوا وعملوا صالحاً ، لأنّ الشرك ظلم. قال الله تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) والعصاة ظلام أنفسهم ، وهذا أوجه ، لمقابلة قوله (بِما كانُوا يَكْفُرُونَ).
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(٥)
الياء في (ضِياءً) منقلبة عن واو ضوء لكسرة ما قبلها. وقرئ : ضئاء بهمزتين بينهما ألف على القلب ، بتقديم اللام على العين ، كما قيل في عاق : عقا. والضياء أقوى من النور (وَقَدَّرَهُ) وقدّر القمر. والمعنى وقدّر مسيره (مَنازِلَ) أو قدّره ذا منازل ، كقوله تعالى (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ). (وَالْحِسابَ) وحساب الأوقات من الشهور والأيام والليالي (ذلِكَ) إشارة إلى المذكور أى ما خلقه إلا ملتبساً بالحق الذي هو الحكمة البالغة ولم يخلقه عبثاً. وقرئ : يفصل ، بالياء.
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ)(٦)
خصّ المتقين لأنهم يحذرون العاقبة فيدعوهم الحذر إلى النظر والتدبر.
__________________
(١) أحقا عباد الله أن لست جائياً |
|
ولا ذاهبا إلا على رقيب |
ولا زائراً فرداً ولا في جماعة |
|
من الناس إلا قيل أنت مريب |
لعبد الله بن الدمينة الخثعمي. وقيل : لقيس بن الملوح. قال المرزوقي : أحقاً انتصب عند سيبويه على الظرفية ، كأنه قال : أفى الحق ذلك ، لأنهم كثيراً ما يقولون : أفى الحق كذا. وعند المبرد على المفعولية المطلقة ، أى أحق ذلك حقاً ، لأنه مصدر. وعباد الله : منادى. وروى : أن لست وارداً ولا صادراً. والمعنى واحد. والرقيب : المانع من لقاء الحبيب. ويجوز أن يراد به ما في قوله تعالى : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) أى مناظر حاضر. أو قوله تعالى (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ).