كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو يقدر على أن يقيم الساعة ويبعث الخلق ، لأنه بعض المقدورات. ثم دل على قدرته بما بعده.
(وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(٧٨)
قرئ (أُمَّهاتِكُمْ) بضم الهمزة وكسرها ، والهاء مزيدة في أمات ، كما زيدت في أراق ، فقيل : أهراق. وشذت زيادتها في الواحدة قال :
أُمَّهَتِى خِنْدِفٌ وَإلْيَاسُ أبىِ (١)
(لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) في موضع الحال. ومعناه : غير عالمين شيئاً من حق المنعم الذي خلقكم في البطون ، وسوّاكم وصوّركم ، ثم أخرجكم من الضيق إلى السعة. وقوله (وَجَعَلَ لَكُمُ) معناه : وما ركب فيكم هذه الأشياء إلا آلات لإزالة الجهل الذي ولدتم عليه واجتلاب العلم والعمل به ، من شكر المنعم وعبادته ، والقيام بحقوقه ، والترقي إلى ما يسعدكم. والأفئدة في فؤاد ، كالأغربة في غراب ، وهو من جموع القلة التي جرت مجرى جموع الكثرة ، والقلة إذا لم يرد في السماع غيرها ، كما جاء شسوع في جمع شسع لا غير ، فجرت ذلك المجرى.
(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٧٩)
قرئ : لم يروا ، بالتاء والياء (مُسَخَّراتٍ) مذللات للطيران بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المواتية (٢) لذلك. والجوّ : الهواء المتباعد من الأرض في سمت العلوّ والسكاك (٣)
__________________
(١) إنى لدى الحرب رخى اللبب |
|
معتزم الصولة عالى النسب |
أمهتى خندف وإلياس أبى |
لقصي بن كلاب بن مرة جد النبي صلى الله عليه وسلم. ورخى اللبب. رحب الصدر واسع البال. واللبب في الأصل جبل في صدر المطية يمنع الرحلة من الاستئخار ، أطلق على ذلك للمجاورة. ومعتزم : مصمم. والصولة : تجشم المكروه واقتحامه. وزيادة الهاء في أمهة شاذ. وخندف ، بكسر الخاء والدال : امرأة إلياس بن مضر ، وهذا لقبها ، واسمها ليلى. والخندفة : مشية كالهرولة. وإطلاق الأم والأب على الجدة والجد : مجاز لمطلق الأصالة.
(٢) قوله «والأسباب المواتية لذلك» في الصحاح آتيته على ذلك الأمر مؤاتاة إذا وافقته والعامة تقول : وأتيته. (ع)
(٣) قوله «والسكاك أبعد منه» في الصحاح السكاك والسكاكة الهواء الذي يلاقي أعنان السماء وفيه أيضاً أعنان السماء صفائحها وما اعترض من أقطارها. والعنان بالفتح السحاب. (ع)