يحلف : لئن ولد له كذا غلاماً لينحرنّ أحدهم ، كما حلف عبد المطلب. وقرئ : زين ، على البناء للفاعل الذي هو شركاؤهم ، ونصب (قَتْلَ أَوْلادِهِمْ) وزين ، على البناء للمفعول الذي هو القتل ، ورفع شركاؤهم بإضمار فعل دل عليه زين ، كأنه قيل : لما قيل زين لهم قتل أولادهم من زينه؟ فقيل : زينه لهم شركاؤهم. وأما قراءة ابن عامر : قتل أولادهم شركائهم برفع القتل ونصب الأولاد وجرّ الشركاء على إضافة القتل إلى الشركاء ، والفصل بينهما بغير الظرف ، فشيء لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر ، لكان سمجاً مردوداً ، كما سمج وردّ.
زجّ القلوص أبى مزاده (١)
فكيف به في الكلام المنثور ، فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته. والذي حمله على ذلك أن رأى في بعض المصاحف شركائهم مكتوباً بالياء. ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء ـ لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم ـ لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب (لِيُرْدُوهُمْ) ليهلكوهم بالإغواء (وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) وليخلطوا ، عليهم ويشبهوه. ودينهم : ما كانوا عليه من دين إسماعيل عليه السلام حتى زلوا عنه إلى الشرك. وقيل : دينهم الذي وجب أن يكونوا عليه. وقيل : معناه وليوقعوهم في دين ملتبس. فان قلت : ما معنى اللام؟ قلت : إن كان التزيين من الشياطين فهي على حقيقة التعليل ، وإن كان من السدنة فعلى معنى الصيرورة (وَلَوْ شاءَ اللهُ) مشيئة قسر (ما فَعَلُوهُ) لما فعل المشركون ما زين لهم من القتل. أو لما فعل الشياطين أو السدنة التزيين أو الإرداء أو اللبس أو جميع ذلك ، إن جعلت الضمير جارياً مجرى اسم الاشارة (وَما يَفْتَرُونَ) وما يفترونه من الإفك. أو وافتراؤهم.
(وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلاَّ مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ)(١٣٨)
__________________
ـ النحوية لهذه القراءة ، وليس غرضنا تصحيح القراءة بقواعد العربة ، بل تصحيح قواعد العربية بالقراءة. وهذا القدر كاف إن شاء الله في الجمع بينهما والله الموفق. وما أجريناه في أدراج الكلام من تقريب إضافة المصدر من غير المحضة ، إنما أردنا انضمامه إلى غيره من الوجوه التي يدل باجتماعها على أن الفصل غير منكر في إضافته ، ولا مستبعد من القياس ، ولم يفرده في الدلالة المذكورة إذ المتفق على عدم تمحضها لا يسوغ فيها الفصل ، فلا يمكن استقلال الوجه المذكور بالدلالة ، والله الموفق.
(١) فزججتها بمزجة |
|
زج القلوص أبى مزاده |
الزج : الطعن : والمزجة : الرمح القصير ، لأنه آلة للزج. والقلوص : الناقة الشابة ، وهو مفعول فاصل بين المضاف والمضاف إليه شذوذاً. يقول : فطعنت الناقة أو الجماعة برمح قصير ، كطعن أبى مزادة القلوص في السير.