والصدق. والصبر. والخشوع. والتصدق. والصيام. والحفظ للفروج والذكر ، والذي في المؤمنين الإيمان والخشوع والاعراض عن اللغو والزكاة والحفظ للفروج ـ إلا على الأزواج أو الإماء ثلاثة ـ والرعاية للعهد. والأمانة اثنين والمحافظة على الصلاة ، وهذا مبني على أن لزوم التكرار في بعض الخصال بعد جمع العشرات المذكورة. كالإيمان. والحفظ للفروج لا ينافي كونها ثلاثين تعدادا ـ إنما ينافي تغايرها ذاتا ـ ومن هنا عدت التسمية مائة وثلاث عشرة آية عند الشافعية باعتبار تكررها في كل سورة ، وما في رواية عكرمة مبني على اعتبار التغاير بالذات وإسقاط المكررات ، وعده العاشرة البشارة للمؤمنين في براءة ، وجعل الدوام على الصلاة والمحافظة عليها واحدا (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) [المعارج : ٢٤] غير ـ الفاعلين للزكاة ـ لشموله صدقة التطوع وصلة الأقارب ، وما روي أنها أربعون وبينت بما في السور الأربع مبني على الاعتبار الأول أيضا ـ فلا إشكال ـ وقيل : ابتلاه الله تعالى بعدة أشياء بالكوكب والقمرين والختان على الكبر والنار وذبح الولد والهجرة من كوثى إلى الشام. وروي ذلك عن الحسن ، وقيل : هي ما تضمنته الآيات بعد من الإمامة ، وتطهير البيت ، ورفع قواعده ، والإسلام. «وقيل ، وقيل ..» إلى ثلاثة عشر قولا ، وقرأ ابن عامر وابن الزبير وغيرهما «إبراهام» وأبو بكرة «إبراهم» ـ بكسر الهاء وحذف الياء ـ وقرأ ابن عباس. وأبو الشعثاء وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنهم برفع (إِبْراهِيمَ) ونصب (رَبُّهُ) ـ فالابتلاء ـ بمعنى الاختبار حقيقة لصحته من العبد. والمراد دعا (رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) مثل (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) [الأعراف : ١٤٣] و (اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) [إبراهيم : ٣٥] ليرى هل يجيبه؟ ولا حاجة إلى الحمل على المجاز. وأما ما قيل : إنه ـ وإن صح من العبد ـ لا يصح ـ أو لا يحسن تعليقه بالرب ـ فوجهه غير ظاهر سوى ذكر لفظ ـ الابتلاء ـ ويجوز أن يكون ذلك في مقام الأنس ، ومقام الخلة غير خفي (فَأَتَمَّهُنَ) الضمير المنصوب ـ للكلمات ـ لا غير. والمرفوع المستكن يحتمل أن يعود ـ لإبراهيم ـ وأن يعود ـ لربه ـ على كل من قراءتي ـ الرفع والنصب ـ فهناك أربعة احتمالات «الأول» عوده على (إِبْراهِيمَ) منصوبا ، ومعنى (فَأَتَمَّهُنَ) حينئذ أتى بهن على الوجه الأتم وأداهن كما يليق «الثاني» عوده على (رَبُّهُ) مرفوعا ، والمعنى حينئذ يسر له العمل بهن وقواه على ـ إتمامهن ـ أو أتم له أجورهن ، أو أدامهن سنّة فيه وفي عقبه إلى يوم الدين «والثالث» عوده على (إِبْراهِيمَ) مرفوعا ـ والمعنى عليه ـ أتم إبراهيم الكلمات المدعو بها بأن راعى شروط الإجابة فيها ، ولم يأت بعدها بما يضيعها «الرابع» عوده إلى (رَبُّهُ) منصوبا ـ والمعنى عليه ـ فأعطى سبحانه (إِبْراهِيمَ) جميع ما دعاه. وأظهر الاحتمالات الأول والرابع ، (إِذِ) التمدح غير ظاهر في الثاني ـ مع ما فيه من حذف المضاف على أحد محتملاته ـ والاستعمال المألوف غير متبع في الثالث ، لأن الفعل الواقع في مقابلة الاختبار يجب أن يكون فعل المختبر اسم مفعول.
(قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) استئناف بياني إن أضمر ناصب (إِذِ) كأنه قيل : فما ذا كان بعد؟ فأجيب بذلك ، أو بيان ـ لابتلى ـ بناء على رأي من جعل ـ الكلمات ـ عبارة عما ذكر أثره ـ وبعضهم يجعل ذلك من بيان الكلي بجزئي من جزئياته وإذا نصبت (إِذِ) بيقال كما ذهب إليه أبو حيان يكون المجموع جملة معطوفة على ما قبلها على الوجه الذي مرّ تفصيله ، وقيل : مستطردة أو معترضة ، ليقع قوله تعالى : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) [الإنعام : ١٤٤] إن جعل خطابا لليهود موقعه ، ويلائم قوله سبحانه : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١٣٥] و «جاعل» من ـ جعل ـ بمعنى صير المتعدي إلى مفعولين ، و (لِلنَّاسِ) إما متعلق بجاعل أي لأجلهم ، وإما في موضع الحال لأنه نعت نكرة تقدمت أي إماما كائنا لهم ـ والإمام ـ اسم للقدوة الذي يؤتم به. «ومنه» قيل لخيط البناء : إمام ، وهو مفرد على فعال ، وجعله بعضهم اسم آلة لأن فعالا من صيغها ـ كالإزار ـ واعترض بأن ـ الإمام ـ ما يؤتم به ، والإزار ما يؤتزر