وأخرج النسائي عن أنس بن مالك أن نوحا عليهالسلام نازعه الشيطان في عود الكرم ، فقال : هذا لي ، وقال نوح : هو لي فاصطلحا على أن لنوح ثلثها ، وللشيطان ثلثيها ولا يكاد يعول على مثل هذه الأخبار عند التنقير ، ومما يحمل معها في سفينة ما أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : تأذى أهل السفينة بالفأر فعطس الأسد فخرج من منخريه سنوران ذكر وأنثى فأكلا الفأر إلا ما أراد الله تعالى أن يبقي منه ، وتأذوا بأذى أهل السفينة فعطس الفيل فخرج من منخريه خنزيران ذكر وأنثى فأكلا أذى أهل السفينة ، وفي رواية الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وغيرهما عنه أن نوحا عليهالسلام شكا إلى الله تعالى قرض الفأر حبال السفينة فأوحى الله إليه فسمح جبهة الأسد فخرج سنوران ، وشكا عذرة في السفينة فأوحى إليه سبحانه ، فمسح ذنب الفيل فخرج خنزيران فأكلا العذرة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم عن أبيه مرفوعا أن أهل السفينة شكوا الفأرة فقالوا : الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا. فأوحى الله تعالى إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها ، ولم يذكر فيه بحث الخنزير ، ويفهم منها على ما فيها أن الهرة لم تكن عند الحمل ، ومن الأولين أنها والخنزير لم يكونا ، وفي بعض الآثار ما يخالفه ، فقد أخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال لما أمر الله تعالى نوحا عليهالسلام بالحمل قال : كيف أصنع بالأسد ، والبقرة وكيف أصنع بالعناق والذئب ، وكيف أصنع بالحمام والهر؟ فقال الله تعالى : من ألقى بينهما العداوة؟ قال : أنت يا رب قال : فإني أؤلف بينهم حتى لا يتضارون ، ولا يخفى ما بين هذا وبين التقسيم الأول أيضا ، وجاء في شأن الأسد روايات مختلفة : ففي رواية أن أصحابه عليهالسلام قالوا : كيف نطمئن ومعنا الأسد؟ فسلط الله تعالى عليه الحمى ، وكانت أول حمى نزلت الأرض وفي رواية أنه كان يؤذيهم في السفينة فألقيت عليه الحمى ليشتغل بنفسه ، وفي أخرى أنه عليهالسلام حين أمر بالحمل قال : يا رب كيف بالأسد والفيل؟ فقال له سبحانه : سألقي عليهما الحمى وهي ثقيلة ؛ وفي أخرى عن أبي عبيدة أنه عليهالسلام حين أمر بالحمل لم يستطع أن يحمل الأسد حتى ألقيت عليه الحمى فحمله فأدخله ، ولا يخفى أنها مع دلالة بعضها على أن إلقاء الحمى قبل الدخول ، وبعضها على أنه بعده ، وكان يغني عن إلقائها بعد دفعا لأذاء التأليف بينه وبين الإنسان كما ألف بين ما مر بعضه مع بعض ، ولعل لدفع الأذى بالحمى دون التأليف إن صح ذلك حكمة لكنها غير ظاهرة لنا ، وجاء في بعض الآثار ما يفهم منه أنه كان معه عليهالسلام في السفينة من الجن ما كان ، وفي بعضها أن إبليس عليه اللعنة كان أيضا.
فعن ابن عباس أنه لما أراد الله تعالى أن يدخل الحمار السفينة أخذ نوح بأذني الحمار وأخذ إبليس بذنبه فجعل نوح يجذبه وجعل إبليس يجذبه فقال نوح عليهالسلام : ادخل شيطان فدخل الحمار ودخل إبليس معه فلما سارت السفينة جلس في ذنبها يتغنى فقال له نوح : ويلك من أذن لك؟ قال : أنت قال : متى؟ قال : إذ قلت للحمار ادخل شيطان فدخلت بإذن منك ، وفي رواية أخرى عنه أن نوحا عليهالسلام قال للحمار : ويحك ادخل وإن كان الشيطان معك كلمة جرت على لسانه فدخل ودخل معه الشيطان.
وأخرج ابن عساكر عن عطاء أن اللعين جاء ليركب السفينة فدفعه نوح عليهالسلام فقال : يا نوح إني منظور ولا سبيل لك علي فعرف أنه صادق فأمره أن يجلس على خيزران السفينة ، وهو بظاهره مخالف لما روي عن ابن عباس ، واختلفوا في أنه كيف جمعت الحيوانات على تفرقها في أكناف الأرض ، فقيل : إنها أحست بالعذاب فاجتمعت ؛ وعن الزهري أن الله تعالى بعث ريحا فحمل إليه من كل زوجين اثنين من الطير والسباع والوحش والبهائم.
وعن جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنهما أن الله تعالى بعث جبريل عليهالسلام فحشرها فجعل عليهالسلام