لا يعرف بناء فعلي من لمّ ، وبأنه يلزم لمن أمال فعلى أن يميلها ولم يملها أحد بالإجماع وبأنه كان القياس أن تكتب بالياء ولم تكتب بها ، وسيعلم إعراب الآية على هذا مما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقيل : (لَمَّا) المخففة وشددت في الوقف ثم أجرى الوصل مجرى الوقف وحينئذ فالإعراب ما ستعرفه أيضا إن شاء الله تعالى وهو بعيد جدا ، وقيل : إنها بمعنى إلا ، وإلا تقع زائدة كما في قوله :
حلفت يمينا غير ذي مثنوية |
|
يمين امرئ إلا بها غير آثم |
فلا يبعد أن (لَمَّا) التي بمعناها زائدة وهو وجه ضعيف مبني على وجه ضعيف في إلا ، وعن المازني أن أن المشددة هنا نافية ، و (لَمَّا) بمعنى إلا غير زائدة وهو باطل لأنه لم يعهد تثقيل أن النافية ، ولنصب ـ كل ـ والنافية لا تنصب ، وقال الحوفي : (إِنَ) على ظاهرها ، و (لَمَّا) بمعنى إلا كما في قولك : نشدتك بالله إلا فعلت ، وضعفه أبو علي بأن (لَمَّا) هذه لا تفارق القسم قبلها وليس كما ذكر فقد تفارق ؛ وإنما يضعف ذلك بل يبطله كما قال أبو حيان : إن الموضع ليس موضع دخول إلا ألا ترى أنك لو قلت : إن زيدا إلا ضربت لم يكن تركيبا عربيا ؛ وقيل : إن (لَمَّا) هذه أصلها لمن ما فهي مركبة من اللام ومن الموصولة أو الموصوفة وما الزائدة فقلبت النون ميما للإدغام فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الوسطى منها ثم أدغم المثلان ، وإلى هذا ذهب المهدوي ، وقال الفراء وتبعه جماعة منهم نصر الشيرازي : إن أصلها لمن ما بمن الجارة وما الموصولة أو الموصوفة وهي على الاحتمالين واقعة على من يعقل فعمل بذلك نحو ما عمل على الوجه الذي قبله ، وقد جاء هذا الأصل في قوله :
وأنا لمن ما تضرب الكبش ضربة |
|
على رأسه تلقي اللسان من الفم |
واللام على هذين الوجهين قيل : موطئة للقسم ، ونقل عن الفارسي ـ وهو مخالف لما اشتهر عن النحاة ـ من أن الموطئة هي الداخلة على شرط مقدم على جواب قسم تقدم لفظا أو تقديرا لتؤذن بأن الجواب له نحو والله لئن أكرمتني لأكرمتك وليس ما دخلت عليه جواب القسم بل ما يأتي بعدها وكان مذهبه كمذهب الأخفش أنه لا يجب دخولها على الشرط ، وإنما هي ما دلت على أن ما بعدها صالح لأن يكون جوابا للقسم مطلقا ، وقيل : إنها اللام الداخلة في خبر إن ، ومن موصولا أو موصوفا على الوجه الأول من الوجهين هو الخبر والقسم وجوابه صلة أو صفة ، والمعنى وإن كلا للذين أو الخلق والله ليوفينهم ربّك ، ومن ومجرورها على الوجه الثاني في موضع الخبر لأن ، والجملة القسمية وجوابها صلة أو صفة أيضا لكن لما ، والمعنى وإن كلا لمن الذين أو لمن خلق والله ليوفينهم ربك ، قال في البحر : وهذان الوجهان ضعيفان جدا ولم يعهد حذف نون من وكذا حذف نون من الجارة إلا في الشعر إذا لقيت لام التعريف أو شبهها غير المدغمة نحو قولهم : ملمال يريدون من المال ، وفي تفسير القاضي وغيره أن الأصل لمن ما بمن الجارة قلبت النون ميما فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت أولاهن ، وفيه أيضا ما فيه ، ففي المغني أن حذف هذه الميم استثقالا لم يثبت انتهى ، وقال الدماميني : كيف يستقيم تعليل الحذف بالاستثقال وقد اجتمعت في قوله تعالى : (عَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) [هود : ٤٨] ثماني ميمات انتهى ، وأنشد الفراء على ما ذهب إليه قول الشاعر :
وإني لما أصدر الأمر وجهه |
|
إذا هو أعيا بالسبيل مصادره |
وزعم بعضهم أن لما بمعنى حين وفي الكلام حذف أي لما عملوا ما عملوا أو نحو ذلك والحذف في الكلام كثير نحو قوله :
إذا قلت : سيروا إن ليلى لعلها |
|
جرى دون ليلى مائل القرن أعضب |
أراد لعلها تلقاني أو تصلني أو نحو ذلك وهو كما ترى ، وقال أبو حيان بعد أن ذكر أن هذه التخريجات مما