في قوالب النظريات العلمية المعاصرة ، له خطره على الإسلام ذاته في المدى البعيد لحركة الحرب ضد الإسلام» ، ويضرب مثلا على ذلك العلاقة التي قامت بين المسيحية والعلم حينما حاولت أن تدخل شروح الإنجيل كدراسات في الطبيعة والفلك والرياضة والطب وشتى العلوم ، ودرست هذه بقوانينها على أنها وحي مقدس ، فلما سقطت هذه العلوم بالتطور سقطت المسيحية معها ، وكذلك الحال مع الديانة الزرادشتية عند ما وضع علماء الدين ومدارسهم ، التي كانت تهيمن على الثقافة ، ما ليس من الدين من علوم الفلك والطبيعة وغيرها ، فلما جاءت الفلسفات اليونانية والسوريانية سقطت الديانة الزرادشتية مع علومها ، وكذلك بعض الأديان الأخرى. ثم يطرح الكاتب سؤالا خطرا أكثر (١) «هل تشجيع المستعمر لهذا النمط من التفاسير أولا ... ثم انسياق المخلصين في هذا التيار دون سوء قصد ثانيا ، يسلمنا إلى المأساة التي تحطمت المسيحية على صخرتها؟ إنها محاولات ـ لا شك ـ خير منها عدمها وأولى ألا تسمى تفسيرا للقرآن ، ومع ذلك فلن تنال من الإسلام شيئا (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر / ٩]» ، وكم سبقت في كيده محاولات فباءت بالفشل :
كناطح صخرة يوما ليوهنها* لم يضرها وأوهى قرنه الوعل إذن ، فالمسألة أخطر من أن نمرّ عليها مرور الكرام ، حيث دخل الاستعمار فيها بشكل غير مباشر ، ولو عدنا قليلا إلى قصة تفسير القرآن عبر التاريخ ، وما دخل عليها من انحرافات سنجد أن هذا الانحراف في التفسير العلمي ـ إذا صح الادعاء به ـ يكون ليس جديدا على محاولات تفسير القرآن بأشكال وأساليب مختلفة ، فما ذكره الشيخ خالد عبد الرحمن العك في كتابه «أصول التفسير وقواعده» عن الاتجاهات المنحرفة في التفسير عبر التاريخ قوله (٢) «إن مما لا شك فيه أن إخضاع تفسير القرآن الكريم لميول شخصية ، ومذاهب ذات مفاهيم مغالية ، فتح على المسلمين باب شرّ خطير ، ولج منه أعداء الإسلام للدّس فيه وتشويه صورته وإفساد عقائده ، كما أنه دلف منه أصحاب البدع إلى ترويج بدعهم متسترين بآيات الله تعالى ، كما مني التفسير بأصحاب الميول المختلفة والنزعات المنحرفة حين وضعوا أقوالا في التفسير نسبوها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو إلى بعض أصحابه زورا وبهتانا ...».
__________________
(١) شطحات مصطفى محمود في تفسيراته العلمية للقرآن الكريم ـ د. عبد المتعال الجبري ، ص ١٣.
(٢) أصول التفسير وقواعده ـ خالد عبد الرحمن العك ، ص ٢٢٧ ـ ٢٢٨.