عن شجرة عيّنت له ، وأريد به جنسها ، فحمل القول على اللفظ دون المعنى كما تقدم.
وقد اختلف علماؤنا في فرع من هذا ، وهو أنه إذا حلف ألا يأكل هذه الحنطة فأكل خبزا منها على قولين :
فقال في الكتاب : إنه يحنث ؛ لأنها هكذا تؤكل. وقال ابن المواز : لا شيء عليه ، لأنه لم يأكل حنطة ، وإنّما أكل خبزا ، فراعى الاسم والصفة.
ولو قال في يمينه : لا آكل من هذه الحنطة حنث بأكل الخبز المعمول منها.
وأما حمل النهى على التنزيه فهي ـ وإن كانت مسألة من أصول الفقه ـ وقد بيّنّاها في موضعها ، فقد سقط ذلك [١١] ها هنا فيها لقوله تعالى : (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) ، فقرن (١) النّهى بالوعيد ؛ ولا خلاف مع ذلك فيه. وكيف يصحّ أن يقال له لا تأكلها فتكون من الظالمين ، ويرجو أن يكون من الخالدين.
وأما قوله : إنه أكلها ناسيا فسيأتى في سورة طه إن شاء الله تعالى.
(التنقيح) أما القول بأنّ آدم أكلها سكران ففاسد نقلا وعقلا : أما النقل فلأنّ هذا لم يصح بحال ، وقد نقل عن ابن عباس أنّ الشجرة التي نهى عنها الكرم ، فكيف ينهى عنها ويوقعه الشيطان فيها ، وقد وصف الله خمر الجنة بأنها لا غول (٢) فيها ، فكيف توصف بغير صفتها التي أخبر الله تعالى بها عنها في القرآن.
وأما (٣) العقل فلانّ الأنبياء بعد النبوة منزّهون (٤) عما يؤدّى إلى الإخلال بالفرائض واقتحام الجرائم.
وأما سائر التوجيهات فمحتملة ، وأظهرها الثاني ، والله أعلم.
الآية الحادية عشرة ـ قوله تعالى : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) (٥).
روى أنه لما أكل آدم من الشجرة سلخ عن كسوته ، وخلع من ولايته ، وحطّ عن مرتبته ، فلما نظر إلى سوأته منكشفة قطع الورق من الثمار وسترها.
وهذا هو نصّ القرآن ، وفي ذلك مسألتان :
__________________
(١) في م : فتقرر.
(٢) الغول : السكر.
(٣) هنا في الهامش : مسألة في تحسين العقل.
(٤) في ق : معصومون.
(٥) هكذا في ا ، م. وهذه الآية في سورة الأعراف ، آية ٢٢ ، وسورة طه ، آية ١٢١ ، لا في سورة البقرة.