[المسألة الأولى ـ بأى شيء سترها؟] (١)
فقالت طائفة : سترها بعقله حين رأى ذلك من نفسه منكشفا ، منهم القدرية ، وبه قال أقضى القضاة الماوردي.
ومنهم من قال : إنه سترها استمرارا على عادته ومنهم من قال : إنما سترها بأمر الله.
فأما من قال : إنه سترها بعقله فإنه بناها على أن العقل يوجب ويحظر ويحسن ويقبّح ، وهو جهل عظيم بيّنّاه في أصول الفقه ، وقد وهل (٢) أقضى القضاة في ذلك ، إلا أنه يحتمل أنه سترها من ذات نفسه من غير أن يوجب ذلك عليه شيء ، فيرجع ذلك إلى القول الثاني أنه سترها عادة.
وأما من قال : إنه سترها بأمر الله ، فذلك صحيح لا شكّ فيه ؛ لأن الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام علّمه الأسماء وعرّفه الأحكام فيها ، وأسجل له بالنبوة ، ومن جملة الأحكام ستر العورة.
المسألة الثانية ـ ممّن سترها؟ ولم يكن معه إلا أهله الذين ينكشف عليهم وينكشفون عليه (٣)؟ وقد قدمنا في مسائل الفقه وشرح الحديث وجوب ستر العورة وأحكامها [ومحلها] (٤) ، ويحتمل أن يكون آدم سترها من زوجه بأمر جازم في شرعه ، أو بأمر ندب ، كما هو عندنا.
ويحتمل أن يكون آدم سترها من زوجه بأمر جازم في شرعه ، أو بأمر ندب ، كما هو عندنا.
ويحتمل أن يكون ما رأى سترها إلا لعدم الحاجة إلى كشفها ، لأنه كان من شرعه أنه لا يكشفها إلّا للحاجة. ويجوز أنه كان مأمورا بسترها في الخلوة ، وقد أمر النبىّ صلى الله عليه وسلم بسترها في الخلوة ، وقال : الله أحقّ أن يستحى منه ، وذلك مبيّن في موضعه.
وبالجملة فإن آدم لم يأت من ذلك شيئا إلا بأمر من الله لا بمجرّد عقل ، إذ قد بيّنّا فساد اقتضاء العقل لحكم شرعي.
الآية الثانية عشرة ـ قوله تعالى (٥) : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ).
كان من أمر الله سبحانه بالصلاة والزكاة والركوع أمر بمعلوم متحقّق سابق للفعل
__________________
(١) ليس في م.
(٢) وهل في ذلك : غلط فيه ونسيه. وفي م : ذهل.
(٣) هنا في هامش م : مسألة ستر العورة.
(٤) ليس في م.
(٥) الآية الثالثة والأربعون.