بالبيان ، وخصّ الركوع لأنه كان أثقل عليهم من كل فعل.
وقيل : إنه الانحناء لغة ، وذلك يعمّ الركوع والسجود ، وقد كان الركوع أثقل شيء على القوم في [١٢] الجاهلية ، حتى قال بعض من أسلم للنبي صلى الله عليه وسلم : على ألّا أخرّ إلا قائما ، فمن تأوّله (١) : على ألا أركع ، فلما تمكّن الإسلام من قلبه اطمأنّت بذلك نفسه.
ويحتمل أن يكونوا أمروا بالزكاة لأنها معلومة في كل دين من الأديان ، فقد قال الله تعالى مخبرا عن إسماعيل عليه السلام (٢) : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا). ثم بيّن لهم مقدار الجزء الذي يلزم بذله من المال.
والزكاة مأخوذة من النماء ، يقال : زكا الزّرع إذا نما ، ومأخوذة من الطهارة ، يقال : زكا الرجل ، إذا تطهّر عن الدناءات.
الآية الثالثة عشرة ـ قوله تعالى (٣) : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ). قال بعض علمائنا : قيل لهم قولوا حطّة (٤) ، فقالوا : سقماثاه أزه هذبا ، معناه حبة مقلوة في شعرة مربوطة ، استخفافا (٥) منهم بالدّين ومعاندة للنبي صلى الله عليه وسلم والحقّ.
وقد قال بعض من تكلّم في القرآن : إن هذا الذمّ يدلّ على أن تبديل الأقوال المنصوص عليها لا يجوز.
وهذا الإطلاق فيه نظر ؛ وسبيل التحقيق فيه أن نقول : إن الأقوال المنصوص عليها في الشريعة لا يخلو أن يقع التعبّد بلفظها أو يقع التعبّد بمعناها ؛ فإن كان التعبّد وقع بلفظها فلا يجوز تبديلها. وإن وقع التعبّد بمعناها جاز تبديلها بما يؤدّى ذلك المعنى ، ولا يجوز تبديلها بما يخرج عنه ، ولكن لا تبديل إلا باجتهاد.
ومن المستقلّ (٦) بالمعنى المستوفى لذلك العالم بأنّ اللفظين الأول والثاني المحمول عليه طبق المعنى ، وبنو إسرائيل قيل لهم قولوا : حطّة ، أى اللهم احطط عنّا ذنوبنا. فقالوا ـ استخفافا : حبة مقلوّة في شعرة [، فبدّلوه بما لا يعطى معناه] (٧)
__________________
(١) في ق : فمن تأويله. والعبارة في م : فمن تأول على ألا أركع قائما يمكن الإسلام من قلبه.
(٢) سورة مريم ، آية ٥٥
(٣) الآية التاسعة والخمسون.
(٤) في ق : قالوا حنطة ، فزادوا حرفا.
(٥) في م : استهزاء
(٦) في م : المستبدل.
(٧) من م.