الثاني ـ أن التعبّد وقع بشرع إبراهيم عليه السلام ، واختاره جماعة من أصحاب الشافعى.
الثالث ـ أنا تعبّدنا بشرع موسى عليه السّلام.
الرابع ـ أنا تعبّدنا بشرع عيسى عليه السّلام.
الخامس ـ أنّا لم نتعبّد بشرع أحد ، ولا أمر النبىّ صلى الله عليه وسلم بملّة بشر ، وهذا الذي اختاره القاضي أبو بكر ، وما من قول من هذه الأقوال إلا وقد نزع فيه بآية ، وتلافيها من القرآن حرفا ؛ وقد مهّدنا ذلك في أصول الفقه ، وبيّنّا أن الصحيح القول بلزوم شرع من قبلنا لنا مما أخبرنا به نبيّنا صلى الله عليه وسلم عنهم دون ما وصل إلينا من غيره ، لفساد الطّرق إليهم ؛ وهذا هو صريح مذهب مالك في أصوله (١) كلها ، وستراها مورودة بالتبيين حيث تصفحت المسائل من كتابنا هذا أو غيره.
ونكتة ذلك أنّ الله تعالى أخبرنا عن قصص النبيين (٢) ، فما كان من آيات الازدجار وذكر الاعتبار ففائدته الوعظ ، وما كان من آيات الأحكام فالمراد (٣) به الامتثال له والاقتداء به.
قال ابن عباس رضى الله عنه : قال الله تعالى (٤) : (أُولئِكَ [١٤] الَّذِينَ هَدَى اللهُ ، فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ). فنبينا صلى الله عليه وسلم ممن أمر أن يقتدى بهم ، وبهذا يقع الرد على ابن الجويني حيث قال : إن نبينا لم يسمع قط أنه رجع إلى أحد منهم ولا باحثهم عن حكم ، ولا استفهمهم ؛ فإن ذلك لفساد ما عندهم. أمّا الذي نزل به عليه الملك فهو الحقّ المفيد للوجه الذي ذكرناه ، ولا معنى له غيره.
المسألة الرابعة ـ لما ضرب بنو إسرائيل الميت بتلك القطعة من البقرة قال : دمى عند فلان ؛ فتعيّن قتله ، وقد استدلّ مالك في رواية ابن القاسم وابن وهب عنه على صحة القول بالقسامة (٥) بقول المقتول : دمى عند فلان بهذا ، وقال مالك : هذا مما يبيّن أن قول الميت: دمى عند فلان مقبول ويقسم عليه.
فإن قيل : كان هذا آية ومعجزة على يدي موسى صلى الله عليه وسلم لبنى إسرائيل.
__________________
(١) في م : في مسائله.
(٢) م : قصص الماضين.
(٣) في م : ففائدته والمراد.
(٤) سورة الأنعام : ٩٠
(٥) في هامش م هنا : مسألة في القسامة بقول المقتول.