غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) كان سبب نزولها نصارى نجران ، ولكن مزج معهم اليهود ؛ لأنهم فعلوا من الجحد والعناد مثل فعلهم.
المسألة الثانية ـ في قوله تعالى : (رَبَّانِيِّينَ).
وهو منسوب إلى الرب ، وقد بيّنا تفاصيل معنى اسم الرب في الأمد الأقصى ، وهو هاهنا عبارة عن الذي يربّى الناس بصغار العلم قبل كباره ، وكأنه يقتدى بالرب سبحانه وتعالى في تيسير الأمور المجملة في العبد على مقدار بدنه من غذاء وبلاء.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ).
المعنى : وإنّ علمهم بالكتاب ، ودرسهم له يوجب ذلك عليهم ؛ لأنّ هذا من المعاني التي شرحت فيه لهم.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً).
المعنى : ولا آمر الخلق أن يتخذوا الملائكة والنبيين أربابا يعبدونهم ؛ لأنّ الله سبحانه لا يأمر بالكفر من أسلم فعلا ، ولا يأمر بالكفر ابتداء ؛ لأنه محال عقلا ، فلما لم يتقدر ولا تصوّر لم يتعلق به أمر.
المسألة الخامسة ـ حرّم الله تعالى على الأنبياء أن يتخذوا الناس عبادا يتألّهون لهم ، ولكن ألزم الخلق طاعتهم.
وقد ثبت عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال (١) : لا يقولنّ أحدكم عبدى وأمتى ، وليقل فتاي وفتأتي ، ولا يقل أحدكم ربّى وليقل سيّدى.
وقد قال الله تعالى ـ مخبرا عن يوسف (٢) : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ). وقال (٣) : (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ). وقال النبىّ صلّى الله عليه وسلّم (٤) : «من أعتق شركا له في عبد ......» فتعارضت.
فلو تحققنا التاريخ لكان الآخر رافعا للأول أو مبيّنا له على اختلاف الناس في النسخ.
وإذا جهلنا التاريخ وجب النظر في دلالة الترجيح.
__________________
(١) صحيح مسلم : ١٧٦٤
(٢) سورة يوسف ، آية : ٤٢
(٣) سورة النور ، آية : ٣٢
(٤) صحيح مسلم : ١٢٨٦