الآية التاسعة عشرة ـ قوله تعالى (١) : (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ).
قال ابن وهب : قال مالك : يعنى قائمة بالحق ، يريد قولا وفعلا ؛ فيعود الكلام إلى الآية المتقدمة : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ).
وقد اتّفق المفسّرون أنها نزلت فيمن أسلم من أهل الكتاب ، وعليه يدلّ ظاهر القرآن ؛ ومفتتح الكلام نفى المساواة بين من أسلم منهم وبين من بقي منهم على الكفر ، إلّا أنه روى عن ابن مسعود أنّ معناه نفى المساواة بين أهل الكتاب وأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وقد روى عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الله بن سلام ومن أسلم معه من أهل الكتاب.
وقوله : (لَيْسُوا سَواءً) تمام كلام ، ثم ابتدأ الكلام بوصف المؤمنين بالإيمان والقرآن والصلاة ؛ وهذه الخصال هي من شعائر الإسلام ، لا سيما الصلاة وخاصة في الليل وقت الراحة.
وقيل : إنها الصلاة مطلقا. وقيل : إنها صلاة المغرب والعشاء الآخرة.
قال ابن مسعود : خرج النبىّ صلّى الله عليه وسلّم ليلة وقد أخّر الصلاة فمنّا المضطجع [١٠١] ومنا المصلى ؛ فقال النبىّ صلّى الله عليه وسلّم : إنه لا يصلى أحد من أهل الأرض هذه الصلاة غيركم.
والصحيح أنه في الصلاة مطلقا. وعن أبى موسى عنه عليه السلام : ما من أحد من الناس يصلّى هذه الساعة غيركم. وهذه في العتمة تأكيد للتخصيص وتبيين للتفضيل.
الآية الموفية عشرين ـ قوله تعالى (٢) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ).
قد تقدم بيانها في قوله تعالى (٣) : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).
__________________
(١) الآية الثالثة عشرة بعد المائة.
(٢) الآية الثامنة عشرة بعد المائة.
(٣) سورة آل عمران ، آية ٢٨ ، صفحة ٢٦٧ من هذا الكتاب.