فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ لا خلاف بين علمائنا أنّ المراد به النهى عن مصاحبة الكفار من أهل الكتاب ، حتى نهى عن التشبّه بهم.
قال أنس : قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : لا تستضيئوا بنار أهل الشرك ، ولا تنقشوا في خواتيمكم عربيا (١).
فلم ندر ما قال حتى جاء الحسن فقال : لا تستضيئوا : لا تشاوروهم في شيء من أموركم. ومعنى لا تنقشوا عربيا : لا تنقشوا : محمد رسول الله.
قال الحسن : وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ ...) الآية.
وقد صحّ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم النهى عن التشبه بالأعاجم.
المسألة الثانية ـ حسنة ، وهي أنّ شهادة العدوّ على عدوّه لا تجوز ، لقوله تعالى (٢): (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) وبذلك قال أهل المدينة وأهل الحجاز.
وقال أبو حنيفة : تجوز شهادة العدوّ على عدوه ، والاعتراضات والانفصالات قد مهّدناها في مسائل الخلاف.
الآية الحادية والعشرون ـ قوله تعالى (٣) : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ قيل نزلت يوم أحد ، وقيل يوم بدر ، والصحيح يوم بدر ، وعليه يدل ظاهر الآية.
المسألة الثانية ـ قال علماؤنا : أول أمر الصّوف يوم بدر (٤) قال النبي صلّى الله عليه وسلّم تسوموا فإن الملائكة قد تسومت (٥) ، وكان على الزبير ذلك اليوم عمامة صفراء ، فنزلت
__________________
(١) في ابن كثير (١ ـ ٣٩٨) : أى بخط عربي لئلا يتشابه نقش خاتم النبي ، فإنه كان نقشه محمد رسول الله ؛ قال : وأما الاستضاءة بنار المشركين فمعناه لا تقاربوهم في المنازل.
(٢) سورة آل عمران ، آية : ١١٨
(٣) الآية الخامسة والعشرون بعد المائة.
(٤) كانت بدر في اليوم الرابع عشر من رمضان لثمانية عشر شهرا من الهجرة. وبدر : ماء.
(٥) في القرطبي : روى عن ابن عباس : تسومت الملائكة يوم بدر بالصوف الأبيض في نواصي الخيل وأذنابها.