الملائكة ذلك اليوم على صفته ؛ نزلوا عليهم عمائم صفر ، وقد طرحوها بين أكتافهم.
وقال ابن عباس : نزلت الملائكة مسوّمين بالصوف ؛ فأمر محمد صلّى الله عليه وسلّم أصحابه فسوّموا أنفسهم وخيلهم بالصوف.
وقال مجاهد : جاءت الملائكة مجزوزة أذناب خيلهم ونواصيها.
المسألة الثالثة ـ الاشتهار بالعلامة في الحرب سنّة ماضية ، وهي هيئة باهية قصد بها الهيبة على العدوّ ، والإغلاظ على الكفار ، والتحريض للمؤمنين. والأعمال بالنيات. وهذا من باب الجليات لا يفتقر إلى برهان.
المسألة الرابعة ـ هذا يدلّ على لباس الثوب الأصفر وحسنه ، ولو لا ذلك لما نزلت الملائكة به.
وقد قال ابن عباس : من لبس نعلا أصفر قضيت حاجته. ولم يصح عندي فأنظر فيه ، غير أنّ المفسرين قالوا : إنّ الله قضى حاجة بنى إسرائيل على بقرة صفراء.
المسألة الخامسة ـ أمّا قول مجاهد في جزّ النواصي والأذناب فضعيف لم يصحّ ؛ كيف
وقد قال النبىّ عليه السلام في الخبر الصحيح (١) : الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم. وهذا إن صح تعضده المشاهدة فيها. والله أعلم.
الآية الثانية والعشرون ـ قوله تعالى (٢) : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ إن المشاورة هي الاجتماع على الأمر ليستشير كلّ واحد منهم صاحبه ويستخرج ما عنده ، من قولهم : شرت الدابة أشورها إذا [١٠٢] رضتها لتستخرج أخلافها (٣).
المسألة الثانية ـ في ما ذا تقع الإشارة؟
قال علماؤنا : المراد به الاستشارة في الحرب ، ولا شكّ في ذلك ؛ لأنّ الأحكام لم يكن لهم فيها رأى بقول ، وإنما هي بوحي مطلق من الله عز وجل ، أو باجتهاد من النبي صلّى الله عليه وسلّم على من يجوز له الاجتهاد.
__________________
(١) في ا : الخير معقود في نواصي الخيل. انظر مسلم : ١٤٩٢
(٢) من الآية التاسعة والخمسين بعد المائة.
(٣) العبارة في القرطبي : شرت الدابة وشورتها : إذا علمت خبرها بجرى أو غيره.