قال الأوزاعى : إلا السرج ، والإكاف (١) ؛ لحديث أبى داود عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ؛ قال : إذا وجدتم الرجل قد غلّ فأحرقوا متاعه واضربوه. رواه أبو داود عن عبد العزيز بن محمد بن أبى زائدة عن سالم عن أبيه عن عمر. ورواه ابن الجارود والدارقطني نحوه. قال ابن الجارود ، عن الذهلي ، عن على بن بحر القطان ، عن الوليد بن مسلم ، عن زهير ابن محمد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده فذكره. وذكر البخاري حديث كركرة المتقدم عن عبد الله بن عمر قال : ولم يذكر عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه أحرق متاعه.
وهذا أصحّ. ويحتمل أن يكون النبىّ إنما لم يحرق رحل كركرة ؛ لأنّ كركرة قد فات بالموت ؛ والتحريق إنما هو زجر وردع ، ولا يردع من مات.
والجواب أنه يردع به من بقي ، ويحتمل أنه كان ثم ترك ، ويعضده أنه لا عقوبة في الأموال ، ولكنه يؤدّب بجنايته لخيانته بالإجماع.
المسألة السابعة ـ قال علماؤنا : تحريم الغلول دليل على اشتراك الغانمين في الغنيمة ، فلا يحلّ لأحد أن يستأثر بشيء منها دون الآخر لثلاثة أوجه :
أحدها ـ كان للنبىّ صلّى الله عليه وسلّم سهم الصّفى.
الثاني ـ أنّ الوالي يجوز له أن يأخذ من المغنم ما شاء ، وهذا ركن عظيم وأمر مشكل ، بيانه في سورة الأنفال إن شاء الله.
الثالث ـ في الصحيح ، واللفظ لمسلم ، عن عبد الله بن مغفل قال : أصبت جرابا من شحم يوم خيبر فالتزمته ، وقلت : والله لا أعطى اليوم أحدا شيئا من هذا ، فالتفّت فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتبسم. قال علماؤنا : تبسّم النبي صلّى الله عليه وسلّم دليل على أنه رأى حقّا من أخذ الجراب وحقا من الاستبداد به دون الناس ، ولو كان ذلك لا يجوز لم يتبسم منه ولا أقرّه عليه ، لأنه لا يقرّ على الباطل إجماعا كما قرّرناه في الأصول.
المسألة الثامنة ـ إذا ثبت الاشتراك في الغنيمة ، فمن غصب منها شيئا أدّب ، فإن وطئ جارية أو سرق نصابا فاختلف العلماء في إقامة الحدّ عليه ، فرأى جماعة أنه لا قطع عليه ، منهم عبد الملك من أصحابنا ، لأنّ له فيه حقا وكان سهمه كالمشترك المعين.
__________________
(١) الإكاف : البرذعة.