على الكبار ، وكذلك قال (١) : (فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَ) ، فراعى لفظ النساء ، ويحمل اليتم على الاستصحاب للاسم.
فإن قيل : لو أراد البالغة لما نهى عن حطّها عن صداق مثلها ؛ لأنها تختار [١٠٩] ذلك ، فيجوز إجماعا.
قلنا : إنما هو محمول على وجهين :
أحدهما ـ أن تكون ذات وصىّ. والثاني ـ أن يكون محمولا على استظهار الولىّ عليها بالرجولية والولاية ، فيستضعفها لأجل ذلك ، ويتزوجها بما شاء ، ولا يمكّنها خلافه ؛ فنهوا عن ذلك إلا بالحق الوافر.
وقد وفرنا الكلام في هذه المسألة في التخليص ، وروينا في ذلك حديث الموطأ (٢) : الثيّب أحقّ بنفسها من وليها.
وقد روى عن مالك رضى الله عنه : واليتيمة تستأمر في نفسها ولا إذن لمن لم يبلغ.
وروى الدارقطنىّ وغيره ، وقال : زوّج قدامة بن مظعون بنت أخيه عثمان بن مظعون ، فجاء المغيرة إلى أمّها فرغّبها في المال فرغبت ، فقال قدامة : أنا عمّها ووصىّ أبيها ، زوّجتها ممن أعرف فضله. فترافعوا إلى النبىّ صلّى الله عليه وسلّم ، فقال : إنها يتيمة لا تنكح إلا بإذنها.
قال أصحاب أبى حنيفة : تحمل هذه الألفاظ على البالغة بدليل قوله : إلّا بإذنها ، وليس للصغيرة إذن.
وقد أطنبنا في الجواب في مسائل الخلاف ، أقواه (٣) أنه لو كان كما قالوا لم يكن لذكر اليتم معنى ؛ لأنّ البالغة لا يزوّجها أحد إلّا بإذنها.
المسألة الخامسة ـ قال علماؤنا :
في هذه الآية دليل على أنّ مهر المثل واجب في النكاح لا يسقط إلّا بإسقاط الزوجة أو من يملك ذلك منها من أب ؛ فأمّا الوصىّ فمن دونه فلا يزوّجها إلا بمهر مثلها وسنّتها.
وسئل مالك رضى الله عنه عن رجل زوّج ابنته غنية من ابن أخ له فقير ؛ فاعترضت أمّها ؛
__________________
(١) سورة النساء ، آية : ١٢٧
(٢) ابن ماجة : ٦٠٢
(٣) يريد أقوى جواب.