فقال : إنى لأرى لها في ذلك متكلّما ، فسوّغ لها في ذلك الكلام حتى يظهر هو في نظره ما يسقط اعتراض الأم عليه.
وروى : ما أرى لها في ذلك متكلّما ، بزيادة الألف على النفي ، والأول أصح.
المسألة السادسة ـ قال علماؤنا : إذا بلغت اليتيمة وأقسط الولىّ في الصداق جاز له أن يتزوّجها ويكون هو الناكح والمنكح ؛ وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعىّ : لا يجوز له أن يتولّى طرفي العقد بنفسه ، فيكون ناكحا منكحا حتى يقدم الولىّ من ينكحها.
ومال الشافعى إلى أن تعديد الناكح والمنكح والولىّ تعبّد ، فإذا اتحد اثنان منهم سقط واحد من المذكورين في الحديث حين قال (١) : لا نكاح إلّا بولىّ وشاهدي عدل ... الحديث.
الجواب : إنّا لا نقول : إن للتعبد مدخلا في هذا ، وإنما أعلم الله عزّ وجل الخلق ارتباط العقد بالولىّ ، فأما التعدّد والتعبد فلا مدخل له ، ولا دليل عليه ، ولا نظر له ؛ وقد مهّدنا ذلك في مسائل الخلاف.
المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ).
اختلف الناس فيه ؛ فمنهم من ردّه إلى العقد ، ومنهم من ردّه إلى المعقود عليه ؛ والصحيح رجوعه إلى المعقود عليه. التقدير : انكحوا من حلّ لكم من النساء ، وهذا يدفع قول من قال : إنه يرجع إلى العقد ، ويكون التقدير : انكحوا نكاحا طيبا.
المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ).
قد توهّم قوم من الجهّال أنّ هذه الآية تبيح للرجل تسع نسوة ، ولم يعلموا أنّ مثنى عند العرب عبارة عن اثنين مرتين ، وثلاث عبارة عن ثلاث مرتين ، ورباع عبارة عن أربع مرتين ، فيخرج من ظاهره على مقتضى اللغة إباحة [١١٠] ثماني عشرة امرأة : لأن مجموع اثنين وثلاثة وأربعة تسعة ، وعضدوا جهالتهم بأنّ النبي عليه السلام كان تحته تسع نسوة ، وقد كان تحت النبي صلّى الله عليه وسلّم أكثر من تسع ، وإنما مات عن تسع ، وله في النكاح وفي غيره خصائص ليست لأحد ، بيانها في سورة الأحزاب.
__________________
(١) ابن ماجة : ١٨٨٠