سوء العاقبة ؛ وحقيقة الضرر عند أهل السنّة كلّ ألم لا نفع يوازيه ، وحقيقة النفع كل لذة لا يتعقّبها عقاب (١) ، ولا تلحق فيه ندامة. والضرر وعدم المنفعة في السحر متحقّق.
الآية السادسة عشرة ـ قوله تعالى (٢) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا).
كانت اليهود تأتى النبىّ صلى الله عليه وسلم فتقول : يا أبا القاسم ، راعنا ، توهم أنها تريد الدعاء ، من (٣) المراعاة ، وهي تقصد به فاعلا من الرعونة.
وروى أن المسلمين كانوا يقولون : راعنا ، من الرعي (٤) ، فسمعتهم اليهود ، فقالوا : يا راعنا كما تقدم ، فنهى الله تعالى المسلمين عن ذلك ، لئلا يقتدى بهم اليهود في اللفظ ، ويقصدوا المعنى الفاسد منه.
وهذا دليل على تجنّب الألفاظ المحتملة التي فيها التعرض للتنقيص والغضّ ، ويخرج منه فهم التعريض بالقذف وغيره.
وقال علماؤنا : بأنه ملزم للحدّ ، خلافا للشافعي وأبى حنيفة حيث قالا : إنه قول محتمل للقذف وغيره ، والحدّ مما يسقط بالشبهة.
ودليلنا أنه قول يفهم منه القذف ، فوجب فيه الحدّ كالتصريح (٥). وقد يكون في بعض المواضع أبلغ من التصريح في الدلالة على المراد ، وإنكار ذلك عناد ، وقد مهّدنا ذلك في مسائل الخلاف.
الآية السابعة عشرة ـ قوله تعالى (٦) : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها ، أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ ، لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ).
__________________
(١) في ا : عذاب.
(٢) الآية الرابعة بعد المائة.
(٣) في م : إلى.
(٤) في ق : قال ابن عباس : كان المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا ـ على جهة الطلب والرغبة ، من المراعاة ـ أى التفت إلينا ، كان هذا بلسان اليهود سبا ، أى اسمع ما لا سمعت. فاغتنموها وقالوا : كنا نسبه سرا فالآن نسبه جهرا ، فكانوا يخاطبون بها التي ويضحكون فيها بينهم. فنهوا عنها لئلا تقتدى بها اليهود في اللفظ وتقصد المعنى الفاسد.
(٥) في م : بالتصريح.
(٦) الآية الرابعة عشرة بعد المائة.