فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ فيمن نزلت؟
فيه أربعة أقوال : الأول ـ أنه بخت نصر. الثاني ـ أنهم مانعو بيت المقدس من النصارى اتخذوه كظامة (١). والثالث ـ أنه المسجد الحرام عام الحديبية. الرابع ـ أنه كلّ مسجد ؛ وهو الصحيح ؛ لأنّ اللفظ عامّ ورد بصيغة الجمع ؛ فتخصيصه ببعض المساجد أو بعض الأزمنة محال ، فإن كان فأمثلها الثالث.
المسألة الثانية ـ فائدة هذه الآية تعظيم أمر الصلاة ؛ فإنها لمّا كانت أفضل الأعمال وأعظمها أجرا كان منعها أعظم إثما ، وإخراب المساجد تعطيل لها وقطع بالمسلمين في إظهار شعائرهم وتأليف كلمتهم.
المسألة الثالثة ـ إن قوله تعالى : (مَساجِدَ اللهِ) يقتضى أنها لجميع المسلمين عامة ، الذين يعظّمون الله تعالى ، وذلك حكمها بإجماع الأمة ؛ على أنّ البقعة إذا عيّنت للصلاة خرجت عن جملة الأملاك المختصة بربها (٢) ، فصارت عامة لجميع المسلمين بمنفعتها ومسجديتّها ، فلو بنى الرجل في داره مسجدا وحجزه (٣) عن الناس ، واختصّ به لنفسه لبقي على ملكه ، ولم يخرج إلى حدّ المسجدية ، ولو أباحه للناس [١٩] كلهم لكان حكمه حكم سائر المساجد العامة ، وخرج عن اختصاص الأملاك.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ).
يعنى إذا استولى عليها المسلمون ، وحصلت تحت سلطانهم فلا يتمكّن الكافر حينئذ من دخولها ، يعنى (٤) إن دخلوها فعلى خوف من إخراج المسلمين لهم منها وأذيّتهم على دخولها ؛ وهذا يدلّ على أنه ليس للكافر دخول المسجد بحال ، وسيأتى ذلك إن شاء الله تعالى.
الآية الثامنة عشرة ـ قوله تعالى (٥) : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).
__________________
(١) الكظامة : هكذا في الأصول. والكظامة : كالقناة.
(٢) بصاحبها.
(٣) في ا : حجره
(٤) في م : بل إن دخلها.
(٥) الآية الخامسة عشرة بعد المائة.